للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا ركودا فى يوم غيم وصيف ... يا وجوه التجار يوم الكساد

خلّ عنا فإنما أنت فينا ... واو عمرو أو كالحديث المعاد

ويكثر ابن المعتز فى شعره من الفخر بجوده وشجاعته ومضائه فى الحروب وفروسيته، وهو يحاكى فى ذلك القدماء فى حماستهم، فهو فخر مصطنع متكلّف فى جمهوره، ويفخر طويلا بأسرته وبجده العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم وبلائه فى موقعة حنين، وبشجاعة آبائه وعمومته وبلاغتهم، وفى ذلك يقول (١):

إنا لننتاب العداة وإن نأوا ... ونهزّ أحشاء البلاد جموعا

ونقول فوق أسرّة ومنابر ... عجبا من القول المصيب بديعا

قوم إذا غضبوا على أعدائهم ... جرّوا الحديد أزجّة ودروعا

وكأن أيدينا تنفّر عنهم ... طيرا على الأبدان كنّ وقوعا

والصورة الأخيرة بديعة، فهو يتصور رءوس الأعداء كأنها طير يتطاير بالسيوف مزايلا لمكانه من أبدانهن. ويمتزج الفخر عنده بشكوى كثيرة، وهى شكوى مردّها إلى ما كان يتعمق نفسه من حزن وألم منذ ألمت به محنته فى مقتل أبيه، على نحو ما مرّ بنا آنفا، فقد خلّفت هذه المحنة فى نفسه ضيقا شديدا ولعل ذلك ما جعله يشكو من إخوانه أحيانا.

وكان كثيرا ما يوجه فخره بأسرته إلى العلويين، مبينا أن بيته أحق بالخلافة من بيتهم، وقد ظلت ثوراتهم مشتعلة لا تخمد طوال عصره، مما جعله يكثر من وعيدهم وتهديدهم، مذكرا لهم بأن بيته هو الذى استطاع أن يثأر لهم من الأمويين قتلة الحسين وزيد حفيده (٢)، ويحاول فى مقطوعات وقصائد مختلفة أن يستلّ البغض والإحن من نفوسهم على شاكلة قوله (٣):

بنى عمّنا عودوا نعد لمودّة ... فإنّا إلى الحسنى سراع التعطّف

لقد بلغ الشيطان من آل هاشم ... مبالغه من قبل فى آل يوسف


(١) الديوان ص ٣٠٠ وأشعار أولاد الخلفاء ص ١٦٥.
(٢) الديوان ص ٥٠.
(٣) الديوان ص ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>