للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهم فى رأيه بيت واحد وإخوة وينبغى أن يتحابوا لا أن يتباغضوا ويتقاطعوا كما حدث بين إخوة يوسف عليه السلام وبينه، حتى باعوه لسيّارة بثمن بخس دراهم معدودة. ويبدو أن بعض معاصريه لامه على ما يوجه للعلويين من لوم وأشاعوا أنه يسب على بن أبى طالب، فنظم قصيدة طويلة فى مديحه والثناء عليه، يقول فى مطالعها (١):

أآكل لحمى وأحسو دمى ... فيا قوم للعجب الأعجب (٢)

علىّ يظنّون بى بغضه ... فهلاّ سوى الكفر ظنّوه بى

ومضى يقول إن الذى يشيع ذلك هم القرامطة الذين حادوا عن جادّة الدين باسم التشيع لعلى وهو منهم برئ وفضله لا ينكره أحد، وأخذ يصور بسالته وبلاغته وأخوّته للرسول عليه السلام ونفوذ بصيرته فى الحكم والقضاء وزواجه من السيدة فاطمة بنت الرسول، وسمّاه بحر العلوم، وذكر مواقفه العظيمة، وأشاد بالحسن والحسين وما كان من مقتل الأخير بيد الأمويين الغاشمة، وبكاء العباسيين عليه وأخذهم لثأره. ولا بد أن نفصل بين شعر ابن المعتز الموجّه إلى العلويين، والآخر الموجه إلى القرامطة والروافض، فهو فى الأول يغلب عليه الاعتدال والميل إلى الإنصاف أما فى الثانى فيملؤه بإنذارات وتهديدات شديدة، مع ما يسمهم به من الإلحاد والكفر والزندقة.

وتلقانا فى ديوانه مقطوعات غزلية كثيرة، ولكنها لا تنبئ عن حب حقيقى كان يكتوى بناره، فهى مقطوعات وقد تكون استهلالات لقصائد، لا تصدر عن وجد شديد، وإنما تصدر غالبا عن ود، وكأن مثله من أبناء القصور لا يستطيع الحب أن يتعمقه، ولذلك كنا نفقد عنده الإلحاح فى الطلب والأمل والشوق المبرح والتضرع الحار، وكل ما نجد إنما هو حب الشباب المترف الذى لا ينبع من أعماق النفس والقلب، أو قل هى أبيات ينظمها فيمن كن يغشين مجالسه من الجوارى أمثال نشر وشرّة على سبيل الدعابة من مثل قوله (٣):


(١) الديوان ص ٦٧.
(٢) أحسو: أشرب.
(٣) الديوان ص ٥٢ وأشعاره أولاد الخلفا ص ٢٢١ والأغانى ١٠ - ٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>