للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين يمدح آل البيت يمدح حمزة وجعفرا الطيار كما يمدح العباس (١) جد العباسيين. وهو يكثر من مديح بعض الهاشميين من سلالة على بن أبى طالب، ولكنه أيضا يكثر من مديح الهاشميين من سلالة العباسيين أمثال أبى العباس أحد أحفاد الرشيد وله يقول (٢):

أأبناء الخلافة من قريش ... وساسة أمر عالمنا المسوس

ألنتم من حزون الدهر حتى ... توهمت الحزون من الوعوس (٣)

وفى ديوانه ما يدل بوضوح على أنه كان لا يزال يرحل من حلب إلى الرقة على الفرات، حتى لتعدّ كأنما كانت موطنه الثانى وخاصة فى أيام شبابه وإدمانه على اللهو وخلعه للعذار. وكان لا يزال يؤمّ فيها مع بعض الفتيان والرفاق دير زكّى لجمال متنزهاته، ولما كان يجاوره من أماكن الصيد برّا وبحرا. وكثيرا ما كان يلمّ بمدينة الرّها هناك وكان بها دكان ورّاق يسمى سعدا، وكان يجتمع فيه بكثير من أدباء العراق والشام ومصر. ومن الرقة حتى دمشق كان ينزل فى كل ما بينهما من البلدان، ولم يدع جوادا أو حاميا من حماة الأدب فى تلك الأنحاء حتى قدم له مدائحه، ونستطيع أن نميز بين ممدوحيه عبد الرحمن الجلأبى من أهل حرّان بالموصل وابن كوجك فى طرابلس وعلى بن سهل بن روح فى حمص، أما الحلبيون فكثيرون من مثل أسرة السبيعيين، وكان منهم من يعنى برواية الحديث النبوى مثل الحسن بن أحمد السبيعى وله كتاب «التبصرة فى فضيلة العترة الطاهرة» ومثل القاضى أبى عبد الرحمن بن أخى الإمام ومثل على بن محمد بن حمزة العباسى الهاشمى وكان له قصر منيف وبساتين فى موضع يسمى فارث، وله فيه قصائد رائعة، ومثل أبى عبد الله الكرخى صاحب الخراج. وكثير هم العلويون الذين مدحهم مثل إسماعيل بن الفضل الهاشمى وابنه أبى بكر وحفيده أبى عيسى ومثل طاهر بن محمد ومحمد بن الحسين الهاشميين.

وكان يختلط فى كل البلدان التى ينزل فيها بشعرائها وأدبائها، وكان من أقربهم إلى


(١) انظر الديوان ص ٣٣
(٢) الديوان ص ١٨٥
(٣) الحزون: جمع حزن وهو الأرض الصلبة، والوعوس جمع وعس وهو الأرض السبلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>