للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونشر هذا الملحق مع الجزء المذكور باسم ديوان الصنوبرى ومعه فهارسه فى نحو ٥٨٠ صفحة.

ومن يقرأ فى شعر الصنوبرى يلاحظ توّا أنه كان يعنى بصناعة شعره وأنه أكبّ على الشعراء من قبله يقرأ فيهم ويستوعب ويتمثل، وخاصة أبا تمام والبحترى وابن الرومى وابن المعتز، فهو أحيانا يكثر من الجناس ومن فنون البديع على طريقة أبى تمام، وأحيانا لا يذهب بعيدا فى استخدام هذه الفنون على طريقة البحترى، وهو يكثر من التشبيهات والصور على طريقة ابن المعتز كما يكثر من وصف الطبيعة على طريقة ابن الرومى. وظل يمرن نفسه على نظم الشعر ويروضها على صناعته حتى قال (١):

ما حلّ بى منك وقت منصرفى؟ ... ما كنت إلا فريسة التّلف

كم قال لى الشوق قف لتلثمه ... فقال خوف الرقيب لا تقف

بسطت خطوى كرها وقد قبضت ... رجلى عن الخطو شدة الكلف

فكان جسمى فى زىّ منطلق ... وكان قلبى فى زى منعطف

فارتضى حينئذ أن يعلن عن شاعريته وأن يقدم أشعاره لمن حوله، والأبيات فيها غير قليل من التكلف فى التعبير، وخاصة البيت الثانى، ومع ذلك تنمّ عن شاعرية جيدة، وواضح فيها العناية بالطباق والمقابلة على نحو ما يلاحظ القارئ لبيتيه الثالث والرابع. وأخذ يسلس له الشعر وأسلم له قياده حتى أصبح من المجلّين فيه البارعين.

وإذا أخذنا نستعرض موضوعات الشعر عنده لاحظنا أنه عنى بالمديح عناية واسعة، إذا اتخذ شعره متجرا له ومربحا. فهو يقدّمه لولاة حلب ونوابهم وأبنائهم ومساعديهم وكثيرا ما يصرّح فيه بتنجز الوعود، وأنه لا يزال ينتظر هبة الممدوح وجائزته، وأكثر من مديح العباس بن أحمد بن كيغلغ، وفيه يقول (٢):


(١) الديوان ص ٣٨٨.
(٢) الديوان ص ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>