للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفاطميون تقري‍ ... هم السيوف الطيورا

والفاطميات ينحر ... ن بالدموع النّحورا

ونراه فى جوانب من تفجعه على الحسين وآل البيت يتوسل إلى الرسول عليه السلام وفاطمة الزهراء وعلى ابنيه الحسن والحسين أن يكونوا شفعاء له يوم القيامة، حتى يغفر الله له ذنوبه، وهو يضيف إلى شفاعة الرسول المقررة عند أهل السنة شفاعة آل البيت، تشيعا لهم، كأنهم ورثوها فيما ورثوه عن النبى صلى الله عليه وسلم.

ويلتقى فى الديوان تفجعه على الحسين بتفجعه على ابنته ليلى وحيدته كما يقول، ويندبها فى كثير من القصائد والمقطوعات، وقد امتلأت نفسه شقاء وعناء ممضّا وامتلأ قلبه حسرات ولوعات محرقة، وما يزال يطلب إلى السحب أن تكسو الأرض من حول قبرها وشيا بعد وشى وحريرا بعد حرير وأزهارا وأنوارا فائحة العبير، ويناجيها فى رمضان ذاكرا عبادتها فيه وعكوفها على القرآن الكريم، وكيف تحوّل العيد بعدها لغيابها عنه مأتما، ويبكيها فى قصيدة ضادية، ويبكى معها أختها التى ماتت منه فى الرقة، وفى ذلك يقول (١):

لنا فى الرّقّتين مضيض حزن ... وفى حلب المضنيض على المضيض

وظل جرحه فى ليلى لا يرقأ، وكانت عروسا، فانقلبت الفرحة حزنا بل كارثة، وانقلب الرحيق حريقا يصطلى الصنوبرى بناره، ويتعذب عذابا شديدا، ولا مغيث له ولا ملجأ سوى الدموع والأنات والزفرات وأن ينوح عليها بمثل قوله (٢):

يا ربة القبر المضئ الذى ... يضئ ضوء الكوكب السّارى

أشتاق رؤياك فآتى فلا ... أرى سوى ترب وأحجار

قومى إلى دارك قد أنكرت ... صبرك عنها أىّ إنكار

استوحشت دارك من أهلها ... واستوحش الأهل من الدار

ومن أروع مراثيه مرثيته فى أمه، وهو من أقدم من رثوا أمهاتهم إن لم يكن


(١) الديوان ص ٢٦٣.
(٢) الديوان ص ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>