للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أربعة من أصحاب المراثى كما أضاف تسعة فى مكة وخمسة فى المدينة وخمسة فى الطائف وثلاثة فى البحرين، وعدّ لليهود ثمانية. ومن يرجع إلى هؤلاء الشعراء يجد بينهم البدوى والحضرى كما يجد بين البدو اليمنى والرّبعى والمضرى.

وترجم أبو الفرج فى الأغانى لكثيرين منهم، وتراجمه هو الآخر إنما تقف عند مقدّميهم الذين دوّت شهرتهم، ووراءهم كثيرون لم يترجم لهم، يعدون بالمئات على نحو ما يصور لنا ذلك المؤتلف والمختلف للآمدى ومعجم الشعراء للمرزبانى. ومن غير شك سقط من ذاكرة الرواة أسماء كثيرين لم يسجلوهم، ويشهد لذلك قول ابن قتيبة: «والشعراء المعروفون بالشعر عند عشائرهم وقبائلهم فى الجاهلية والإسلام أكثر من أن يحيط بهم محيط أو يقف من وراء عددهم واقف، ولو أنفد عمره فى التنقير عنهم واستفرغ مجهوده فى البحث والسؤال، ولا أحسب أحدا من علمائنا استغرق شعر قبيلة حتى لم يفته من تلك القبيلة شاعر إلا عرفه ولا قصيدة إلا رواها» (١). ومن يقرأ فى كتاب المؤتلف والمختلف للآمدى يجده يقول كثيرا إن شاعرا بعينه لم يجد له شعرا ولا ذكرا فى ديوان قبيلته (٢). فدواوين القبائل لم تستقص هؤلاء الشعراء استقصاء دقيقا.

والذى لا ريب فيه أن حظ القبائل المضرية من هذا الشعر الجاهلى كان أوفر من حظ القبائل الرّبعية والقحطانية، واقرأ فى الأغانى والمفضليات والأصمعيات فستجد لمضر الكثرة الكثيرة من الشعر والشعراء، وهى كثرة يؤيدها تاريخها فى الإسلام، فقد تفوقت القبائل التى نزلت فى العراق على قبائل الشام والأخرى التى نزلت فى مصر وبلاد المغرب والأندلس، لأنها كانت فى جمهورها مضرية بينما كانت تلك فى معظمها قحطانية.

وكان حظ القبائل المضرية من الشعر متفاوتا، وكذلك كانت القبائل الربعية والقحطانية، فقبائل كل مجموعة ليست سواء فيه، ومثلها المدن فمكة كانت قليلة الشعر (٣)، وأقل منها نصيبا فيه اليمامة (٤). ووقف الجاحظ فى حيوانه عند جانب من حظوظ القبائل وتفاوتها فى ذلك فقال: «وبنو حنيفة «سكان اليمامة» مع كثرة


(١) انظر مقدمته لكتابه الشعر والشعراء (طبع دار المعارف) ص ٤.
(٢) راجع المؤتلف والمختلف ص ٢٣، ٣٨، ٦٨، ١٥٨، ١٦٣، ١٧١، ١٨٧، ١٩٢ - ١٩٣.
(٣) ابن سلام ص ٢١٧.
(٤) ابن سلام ص ٢٣٤

<<  <  ج: ص:  >  >>