للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها توفيت عقب إعراسه بها، فعدّه طائر شؤم وطالع نحس بغيض، وهجاه مرارا وتكرارا بمثل قوله (١):

ألا يابن الجنيد اسمع ... وما أنت بذى سمع

على التّفريق إملاك‍ ... ك هدّا لا على الجمع (٢)

على التّعس على الغمّ ... على النّحس على الفجع

علىّ تحرّق القلب ... علىّ تحدّر الدمع

وله قصيدة (٣) فى هجاء بعض الشمامسة، يصفه فيها بالشره فى الأكل وببعض العادات القبيحة، وبالثقل حتى إنه ليتفوق على جبل رضوى فى ثقله، وبالشؤم حتى ليوازى البوم فى شؤمه، ومن قوله فى ثقيل (٤):

لو مرّ من ميل توهمته ... قد مرّ بين العين والحاجب

وفى ديوانه معاتبات واستعطافات بينه وبين بعض أصدقائه، وألطفها ما نظمه فى استعطاف صديقه ورفيقه الحميم كشاجم، وكانا كأنهما روح واحدة فى جسدين أو جسد واحد فى ثوبين، فقد جمعت بينهما لحمة الشعر، ووثقت بينهما من الصداقة ما لا توثقه قرابة الدم، وله يقول متودّدا مستعطفا (٥):

أخ لى عاد من بعد اجتنابه ... وفرّق بين قلبى واكتئابه

وخاطبنى فخلت بأن زهر ال‍ ... رّبى الموشىّ يجنى من خطابه

فقرّب بين أجفانى وغمضى ... وباعد بين دمعى وانسكابه

أتانى أرى منطقه فعفّى ... على ما ذقته من طعم صابه (٦)

وله غزليات كثيرة، غير أن كثيرا منها فى الغلمان، وحاولنا-فى غير هذا الموضع-أن نخفف من حدّة هذه المثلبة السيئة عند الصنوبرى وغيره، فقلنا إن


(١) الديوان ص ٣٤٦.
(٢) الإملاك: الزواج.
(٣) الديوان ص ٢٠٠.
(٤) الديوان ص ٤٥٩.
(٥) الديوان ص ٤٥٧.
(٦) الأرى: الشهد أو عسل النحل. والصاب: العلقم.

<<  <  ج: ص:  >  >>