للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرا من شعر الغلمان، إن لم يكن جلّه، كان يقال على سبيل الدعابة والتندير فى أثناء السكر وشرب الخمر. وله غزل فى فتيات ونساء كثيرات، ويغلب عليه التكلف إذ نراه يبحث غالبا عن تشبيه أو صورة، ومن غزلياته الطريفة قوله (١):

تزايد ما ألقى فقد جاوز الحدّا ... وكان الهوى مزحا فصار الهوى جدّا

وقد كنت جلدا ثم أوهننى الهوى ... وهذا الهوى ما زال يستوهن الجلدا

فلا تعجبى من غلب ضعفك قوّتى ... فكم من ظباء فى الهوى غلبت أسدا

جرى حبّكم مجرى حياتى ففقدكم ... كفقد حياتى لا رأيت لكم فقدا

ومع ذلك فالقطعة لا تخلو من تكلف، حين يحوّل الهوى من المزح إلى الجد وحين يصبح واهنا بعد أن كان جلدا، وحين يغلب الضعف القوة، كل ذلك ليأتى بالطباق. وأطرف من هذه المقطوعة مقطوعته التالية (٢):

لا النوم أدرى به ولا الأرق ... يدرى بهذين من به رمق

إن دموعى من طول ما استبقت ... كلّت فما تستطيع تستبق

ولى مليك لم تبد صورته ... مذ كان إلا صلّت له الحدق

نويت تقبيل نار وجنته ... وخفت أدنو منها فأحترق

والقطعة مع ما يترقرق فيها من جمال يتعمقها التكلف، على نحو ما يلاحظ فى البيت الثانى وتعب دموعه من استباقها وتقاطرها على خديه، وتعبيره عن عبادته لمليكه بصلاة الحدق فيه أيضا غير قليل من التكلف، وواضح أن الشطر الأول فى البيت الأخير مجلوب اجتلابا ليهيئ مكانا للشطر الأخير. وله مقطوعة نظمها فى فتاة مسيحية، تمضى على هذا النمط (٣):

لا ومكان الصّليب فى النّحر ... منك ومجرى الزنّار فى الخصر

والحلق المستدير من سبج ... على الجبين المصوغ من درّ (٤)


(١) الديوان ص ٤٧٢.
(٢) الديوان ص ٤٣٦.
(٣) الديوان ص ٦٣.
(٤) السبج: قطع الشعر المرسلة على الجبين.

<<  <  ج: ص:  >  >>