للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبطياس والرافقة وما كان يمتد فى المروج هناك من أنوار وأزهار، ويصف عكوفه على الخمر وسقاتها من الغلمان والجوارى، كما يصف صيده بالكلاب هناك من الغزلان، وكذلك صيده بالجوارح من الصقور والبزاة للطير من مختلف الألوان. ويصوّر من معه من الرفاق كما يصور نهر الفرات وسفنه المسرعة. وله وراء ذلك أشعار كثيرة فى دير زكىّ ونزهه فى بساتينه وخلعه مع بعض رفاقه للعذار فيه ولهوهم مع بعض فتياته، على نحو ما يحدّثنا فى قوله (١):

لو على الدّير عجت يوما لألهت‍ ... ك فنون وأطربتك فنون

كم عزال فى كفّه الورد مبذو ... ل وفى الخدّ منه ورد مصون

ويبدو أنه ارعوى حين تقدمت به السنّ بعد الخمسين، وربما كان لموت ابنته ليلى أثر فى ذلك، فقد صحا من خمره ولهوه على موتها فى سن البراعم الغضة، ولعل ذلك ما جعله يعلن أنه كفّ عن النبيذ فى حزم وعزم أكيد، حتى ليقول (٢):

كنت أحبّ النبيذ جدّا ... فصار حبّى النبيذ بغضا

فلست أرضاه لى شرابا ... والحمد لله لست أرضى

وينضم؟ ؟ ؟ بعض أشعار فى الزهد، وله فيه قصيدة (٣) طويلة، يتحدث فيها عن الموت وعن ذنوبه ومعاصيه وأنه آن له بعد ما اقترف من الأثام أن يرعوى ويكف عن السير فى طريق اللهو ودروبه. ويتصل بهذا الموضوع عنده أن نجده يفرد بعض القصائد لنصائح خلقية وسلوكية فى الحياة، وهو الباب الذى يسمّى فى الشعر وأغراضه باسم باب الأدب، حيث تتوالى النصائح للبصر بالحياة ومسالكها الصعبة، من مثل قوله فى إحدى قصائده التى خصّها بهذا الباب (٤):

أضاع الحزم من أمسى مطيعا ... طوال الدهر ذا حزم مضاع

وأكثر ما استطعت الحلم إنى ... رأيت الحلم من كرم الطباع

ولا تتع أخا سفه ودعه ... وكن للحرّ-دهرك-ذا اتباع


(١) الديوان ص ٤٩٥.
(٢)؟ ؟ ؟ ٢٥٨.
(٣) الديوان ص ٣٩٣.
(٤) الديوان ص ٣٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>