للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان كثيرا ما يخرج مع رفاقه للصيد والقنص، وخاصة فى الرقة. يصدون بالكلاب الغزلان أو يصيدون بالجوارح طير الماء. وقد يصيدون السمك من الفرات بالشباك، وكل ذلك نجد وصفه فى أشعاره، وله طائية (١) يصف فيها جواده الذى يركبه للصيد وقد جنّ جنونه من السرعة حتى لكأنه حاقد على الفضاء، أما؟ ؟ ؟ فكأنها منبر للشاهين الذى سيطلقه على بطّ الماء أو طيره، وفيه يقول:

كأنما مخلبه ... لأذن الطّير قرط

ويصور سرعة مضيه حتى كأنه سهم يخرج عن قوس، فلا يكاد يرتد البصر حتى يأتى بصيده. ويتركه إلى وصف ما معه من كلاب الصيد، مصورا سرعتها هى الأخرى وهيئتها وانقضاضها على فرائس الصيد من الغزلان وغير الغزلان، وفيها يقول:

موكّلات بالفلا ... يطوينها طىّ البسط

كأنما آذانه‍ ... نّ سوسن لم يحن قطّ

كأنما أجفانها ... عن قطع الجمر تعطّ (٢)

وساعدته حاستة التصويرية على أن يصور كل ما حوله وكل ما يقع عليه نظره، من ذلك تصويره للجرذان والهرّ (٣)، ونراه يقدم لذلك بتصوير هيئة كل منهما، فالهر أحدب الظهر منتصب الرأس، والجرذان دقيقة الخراطيم والآذان والأذناب حادة الأظفار والأنياب، ثم يتحدث عن إفسادها لكل شئ وكيف تنقب الحيطان والجدران وتصيب من كل طعام وشراب، والهرّ لها بالمرصاد، يقول:

ناصب طرفه إزاء الزّوايا ... وإزاء السقوف والأبواب

يسحب الصّيد فى أقل من اللّم‍ ... ح ولو كان صيده فى السحاب

ويصور لنا فرحه به حتى لقد ألبسه قرطا وقلاده، وخضبه بالحنّاء، وكأنه عروس مقلدة عقدا نفيسا، تمشى بأقدامها الحمراء على عنّاب وكل ذلك


(١) الديوان ص ٢٨٣.
(٢) تعط: تشق.
(٣) الديوان ص ٤٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>