للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعره على الآلة الموسيقية المعروفة باسم الصّنج، ولعله من أجل ذلك سمى صنّاجة العرب (١). ويقول أبو النجم فى وصف قينة (٢):

تغنّى فإن اليوم يوم من الصّبا ... ببعض الذى غنّى امرؤ القيس أو عمرو

وهو يقصد بعمرو، عمرو بن قميئة. ويقول حسان بن ثابت (٣):

تغنّ بالشعر إمّا كنت قائله ... إن الغناء لهذا الشعر مضمار

فالغناء كان أساس تعلم الشعر عندهم، ولعلهم من أجل ذلك عبروا عن إلقائه بالإنشاد، ومنه الحداء الذى كانوا يحدون به فى أسفارهم وراء إبلهم، وكان غناء شعبيّا عامّا.

ويقترن هذا الغناء عندهم بذكر أدوات موسيقية مختلفة كالمزهر والدف وكانا من جلد وكالصّنج ولعله هو نفسه الآلة الفارسية المعروفة باسم الجنك، وكالبربط وهو آلة موسيقية وترية شاعت فى بلاد الإغريق، ويقص علينا علقمة بن عبدة أنه وفد على بلاط الغساسنة فاستمع عندهم إلى قيان بيزنطيات يضر بن على البرابط (٤) وكانوا كذلك فى الحيرة يستمعون إلى القيان وهن يضربن على الآلات الموسيقية الفارسية. وأدخلوا كثيرا من هؤلاء القيان إلى جزيرتهم من مثل خليدة وهريرة فى اليمامة (٥) والأخيرة هى صاحبة الأعشى التى ذكرها فى معلقته. ويروى الرواة أنه كان بمكة قينتان لعبد الله بن جدعان جلبهما من بلاد الفرس وكانتا تغنيان الناس (٦) وفى أخبار غزوة بدر أنه لما نصح أبو سفيان قريشا أن تعود قبل أن يوقع الرسول عليه السلام بها قال أبو جهل: والله لا نرجع حتى نرد بدرا فنقيم عليه ثلاثا وننحر الجزر ونطعم الطعام ونسقى الخمور وتعزف علينا القيان وتسمع بنا العرب (٧). وفى السيرة النبوية أن الرسول أمر يوم فتح مكة بقتل رجل يسمى ابن خطل كان مسلما ثم ارتد وهرب إلى مكة، وكان له قينتان تغنيانه بهجاء الرسول، فأمر بقتلهما، فقتلت


(١) أغانى (طبعة دار الكتب) ٩/ ١٠٩ وانظر ترجمته فى الشعر والشعراء ١/ ٢١٤.
(٢) الشعر والشعراء ١/ ٢٠
(٣) العمدة لابن رشيق (طبعة امين هندية) ٢/ ٢٤١.
(٤) أغانى (ساسى) ١٦/ ١٤.
(٥) أغانى (طبعة دار الكتب) ٩/ ١١٣.
(٦) أغانى (طبعة دار الكتب) ٨/ ٣٢٧.
(٧) أغانى (طبعة دار الكتب) ٤/ ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>