وكان نصيب عبيد الله بن سليمان بن وهب وزير الموفق وأخيه الخليفة المعتمد من أهاجيه كبيرا، تارة يصفه بخطل الرأى، وتارة يهدده بسوء المصير. ونراه ينتهز فرصة وفاة ابنه الحسن فيهجو ابنه القاسم، مادحا للحسن حتى يملأ نفس القاسم غيظا وحنقا إذ يقول:
قل لأبى القاسم المرجىّ ... قابلك الدهر بالعجائب
مات لك ابن وكان زينا ... وعاش ذو الشّين والمعايب
حياة هذا كموت هذا ... فلست تخلو من المصائب
ولاكت الألسنة البيت الأخير وسمعه المعتضد فنصح وزيره القاسم أن يوظفه فى عمل وأن يبرّه ويصله حتى يكفّ عن هجائه، فولاّه بريد الصّيمرّة وما والاها، وقيل بل ولاه بريد قنّسرين والعواصم. وبقى فى عمله إلى آخر أيام المعتضد، ويبدو أن العباس بن الحسن وزير المكتفى رأى الاستغناء عنه، ولعله لذلك أكثر من هجائه، ومرّ بنا بعض هذا الهجاء فى حديثنا عن نشاط الشعر، وفيه يقول:
تحمّل أوزار البريّة كلّها ... وزير بظلم العالمين يجاهر
واتخذ من شعره سياطا يلهب بها ظهور ابن الفرات والخاقانى وزيرى المقتدر وله فى الأخير أهاج كثيرة تصور خياناته لأموال الأمة وما كان يدفع إليه الناس من تقديم الرشوة فى كل عمل يحققه لهم، وسبق أن عرضنا بعض هذا الهجاء فى حديثنا عن فساد الحكم حينئذ. وكانت له مناقضات مع الشعراء يقصد بها إلى الدعابة، ومرّ بنا فى حديثنا عن ابن المعتز أنه نظم فيه مقطوعة دالية داعبه فيها واصفا ثقله، ونرى ابن بسام يردّ عليه بقوله على نفس طريقته: