للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتوكل فى ندمائه. وكان ينزل مع رفاقه الأديرة ويستطيب خمرها المعتقة، وقد يبقى فيها أياما لا يفيق من سكره، وله فى دير باشهرا، وكان بين سامرّاء وبغداد قوله (١):

نزلنا دير باشهرا ... على قسّيسه ظهرا

وسقّانا وروّانا ... من الصّافية العذرا

وطاب الوقت فى الدّير ... فرابطنا به عشرا

ونلنا كلّ ما نهوا ... هـ من لذّاتنا جهرا

ومن كبار الشياطين فى العصر مصعب الوراق. وكان من أشد المجان تهتكا وأكثرهم خلاعة وتطرحا فى الحانات والديارات، وكثيرا ما كان يلم بدير الزعفران من ديارات الموصل، وفيه يقول (٢):

عمرت بقاع دير الزّعفران ... بفتيان غطارفة هجان (٣)

بكل فتى يحنّ إلى التصابى ... ويهوى شرب عاتقة الدّنان

بكل فتى يميل إلى الملاهى ... وأصوات المثالث والمثانى (٤)

ظللنا نعمل الكاسات فيه ... على روض كنقش الخسروانى

وأغصان تميل بها ثمار ... قريبات من الجانى دوانى

وممن كانوا يتورطون حينئذ فى الخمر وآثامها أبو عثمان الناجم راوية ابن الرومى.

إذ روى عنه أكثر شعره وكان يلزمه ولا يكاد يفارقه، وله كثير من المعانى الدقيقة فى الخمر وغير الخمر، وكأنما كان يتأثر بأستاذه، وفيها يقول (٥):

مشمولة كشعاع الشمس فى قدح ... مثل السّراب يرى من رقّة شبحا

إذا تعاطيتها لم تدر من لطف ... راحا بلا قدح عاطتك أم قدحا

وكثيرا ما كان يلمّ بدير الخوات، وهو دير كبير شمالى سامرّاء وسط البساتين والكروم، وكانت تسكنه نساء مترهبات، وكان من منازل القصف ومواطن اللهو،


(١) الديارات للشابشىّ ص ٨٠.
(٢) الديارات ص ١٩٢.
(٣) غطارفة هجان: سادة كرام.
(٤) المثالث والمثانى: من أوتار العود
(٥) المختار من شعر بشار ص ١٢٧ وانظر الديارات ص ٩٣

<<  <  ج: ص:  >  >>