للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلّ طير صافر أو ناعق ... مكتهل وبالغ ولا حق

موشيّة الصدور والعواتق ... بكل وشى فاخر وفائق (١)

تختال فى أجنحة خوافق ... كأنما تختال فى قراطق

يرفلن فى قمص وفى يلامق ... كأنهن زهر الحدائق (٢)

حمر الحداق كحل الحمالق ... كأنما يجلن فى مخانق (٣)

وهو يصوّر موردا عذبا يسر قلب الناظر إليه رصّع بالطير والكراكى من صافرة وناعقة وكبيرة وصغيرة، إذ وشّيت فى صدورها وكواهلها بوشى بديع، وقد اكتست أجنحتها بقراطق وأقبية أنيقة، بل إنها لترفل فى كسوة ذات تلاوين حتى لكأنها زهر حدائق مختلف الأصباغ والنقوش. وهى هناك بأحداقها الحمر وجفونها المكحولة، تطوّق أعناقها القلائد الباهرة. وفى كتاب المصايد والمطارد بجانب الطرديات السابقة طرديتان فى صيد الأسد، ونرى الناشئ يصوره فى إحداهما بهذه الصورة الفذة:

ربّ ذى شبلين قسورة ... قد أحمّ الحين فى أجمه (٤)

لا ترى حيّا يطيف به ... لا، ولا يدنو إلى حرمه

كمجنّ الحرب هامته ... وكغور الغار رحب فمه (٥)

وكأن البرق ما قدحت ... عينه بالّلحظ من ضرمه

وكأن الموت معترض ... بين لحييه وملتشمه

وهو يقول إن هذا الأسد القسورة هبط به القضاء فى عرينه، إذ حان حينه، بعد أن كان الناس لا يلمّون بحرمه مخافة بأسه وسطوته، لما ملأهم به من الرعب والفزع والهلع، ويقول إن هامته كانت مثل ترس حرب صلابة وقوة، وكان فمه كالغار


(١) العواتق: الكواهل.
(٢) اليلامق: جمع يلمق وهو نوع من القباء.
(٣) الحمالق: جمع حملاق، وهو باطن جفن العين. المخانق: القلائد.
(٤) أحم: نزل. الحين: الموت. الأجم: بيت الأسد
(٥) المجن: الترس.

<<  <  ج: ص:  >  >>