للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ردسناهم بالخيل حتى تملّأت ... عوافى الضباع والذئاب السّواغب (١)

ذرينى أطوّف فى البلاد لعلنى ... ألاقى بإثر ثلّة من محارب (٢)

وواضح أنه يتشفى من قتلة أخيه، فقد ظفر مع جمع من قبيلته بأعدائه من فزارة، فأخذتهم سيوفهم من أمام ومن وراء، ومسهلين فى الأرض. ويصور ما لقيته مرّة فى الحرب من بلاء شديد وكيف هربت أشجع وكيف نكلوا ببنى ثعلبة وبنى محارب، حتى شبعت منهم الضباع. ويتهددهم بأنه سيعيد الكرّة عليهم. وفى كل مكان يدوّى مثل هذا النشيد، ومن روائعهم فى هذا الباب معلقة عمرو بن كلثوم، وفيها يصيح بانتصارات قومه وأيامهم المعلمة المشهورة من مثل قوله:

متى ننقل إلى قوم رحانا ... يكونوا فى اللّقاء لها طحينا

يكون ثفالها شرقىّ نجد ... ولهوتها قضاعة أجمعينا (٣)

نطاعن ما تراخى الناس عنا ... ونضرب بالسيوف إذا غشينا

بسمر من قنا الخطّىّ لدن ... ذوابل أو ببيض يعتلينا (٤)

نشقّ بها رءوس القوم شقّا ... ونخليها الرّقاب فتختلينا

كأن جماجم الأبطال فيها ... وسوق بالأماعز يرتمينا (٥)

ورثنا المجد قد علمت معدّ ... نطاعن دونه حتى يبينا (٦)

ونحن إذا عماد الحىّ خرّت ... على الأحفاض نمنع من يلينا (٧)

نجذّ رءوسهم فى غير وتر ... فما يدرون ماذا يتّقونا (٨)


(١) ردسناهم: رميناهم، العوافى: لجائعة، وكذلك السواغب.
(٢) الثلة: الجماعة من الناس.
(٣) الثفال: خرقة توضع تحت الرحى لاستقبال ما يطحن، اللهوة: القبضة من الحب.
(٤) توصف الرماح بالسمرة لذبولها، وقنا الخطى: نسبة إلى الخط وهى بلدة كانت على ساحل البحرين تشتهر بصناعة القنا، اللدن: المرفة. البيض: السيوف.
(٥) الأماعز: الأراضى الصلبة، الوسوق: جمع وسق وهو الحمل.
(٦) يبين: يتضح.
(٧) العماد: جمع عمود، خرت: سقطت، الأحفاض: متاع البيت، يقصد بذلك رحلة الحى للحرب.
(٨) الوتر: الثأر، ونجذ: نقطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>