للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتلقانا حكم وأقاصيص منقولة عن بعض كتب الهند من مثل: «ليس لكذوب مروءة ولا لضجور رياسة ولا لملول وفاء ولا لبخيل صديق» (١)، وبالمثل تلقانا أقاصيص وأخبار وحكم منقولة عن اليونان من مثل: «كلّم رجل سقراط عند قتله بكلام أطاله، فقال أنسانى أول كلامك طول عهده وفارق آخره فهمى لتفاوته، ولما قدّم بكت امرأته فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: تقتل ظلما قال: وكنت تحبين أن أقتل مظلوما أو أقتل ظالما» (٢). ولملوك الفرس ووزرائهم شطر كبير من الأقاصيص والأخبار. ونختار بابا من أبواب المحاسن نسوق منه ما يصور سيول هذه الثقافات، وهو باب محاسن السخاء، ومما جاء فيه (٣):

«روى عن نافع قال: لقى يحيى بن زكريا عليه السلام إبليس لعنه الله فقال له: أخبرنى بأحب الناس إليك وأبغضهم، قال: أحبهم إلىّ كل مؤمن بخيل وأبغضهم إلىّ كل منافق سخىّ قال: ولم ذاك؟ قال إبليس: لأن السخاء خلق الله الأعظم فأخشى أن يطلع عليه فى بعض سخائه فيغفر له وقال النبى صلى الله عليه وسلم: السخىّ قريب من الناس بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة قريب من النار، والجاهل السخى أحب إلى الله عزّ وجل من عابد بخيل، وأدوأ الدواء البخل. وقال صلى الله عليه وسلم: ما أشرقت شمس إلا ومعها ملكان يناديان يسمعان الخلائق غير الجن والإنس وهما الثقلان: اللهم عجل لمنفق خلفا ولممسك تلفا، وملكان يناديان: أيها الناس هلموا إلى ربكم فإن ما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى. وعن الشعبى قال: قالت أم البنين ابنة عبد العزيز أخت عمر بن عبد العزيز وزوجة الوليد بن عبد الملك: لو كان البخل قميصا ما لبسته أو طريقا ما سلكتها، وكانت تعتق فى كل يوم رقبة (عبدا) ونحمل على فرس مجاهدا فى سبيل الله. . . وقال بهرام جور: من أحب أن يعرف فضل الجود على سائر الأشياء فلينظر إلى ما جاد الله به على الخلق من المواهب الجليلة والرغائب النفيسة. . . وقال الموبذان لأبرويز (ملك فارس): أكنتم تمنّون أنتم وآباؤكم بالمعروف وتترصّدون عليه المكافأة؟ قال: ولا نستحسن ذلك لعبيدنا، فكيف


(١) المحاسن والأضداد ص ٣٨.
(٢) المحاسن والأضداد ص ٢٢.
(٣) المحاسن والأضداد ص ٦٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>