للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن ههنا شئ هل تحتمله؟ قلت: وما هو؟ قالت: بياض فى مفرق رأسى.

قال: فانصرفت، فصاحت بى ارجع، فرجعت إليها، فأسفرت عن رأسها.

فنظرت إلى وجه حسن وشعر أسود، فقالت: إنا كرهنا منك، عافاك الله، ما كرهت منا، وأنشدت:

أرى شيب الرجال من الغوانى ... بموضع شيبهنّ من الرجال

وهى قصة طريفة، وفى الكتاب قصص عن النساء ووفائهن وكيدهن، تكثر فيها عناصر التشويق، مما يجعلها قصصا بديعة من ذلك قصة أضيفت إلى شيرين الملكة الفارسية المشهورة ملخصها أن زوجها كسرى أبرويز أتاه صياد بسمكة كبيرة (١) فأعجب به وأمر له بأربعة آلاف درهم، فقالت له شيرين: أمرت لصياد بأربعة آلاف درهم فإن أمرت بمثلها لرجل من وجوه حاشيتك قال: إنما أمر لى بمثل ما أمر به للصياد. فقال لها كيف أصنع وقد أمرت له بما أمرت؟ قالت إذا أتاك فقل له:

أخبرنى عن السمكة أذكر هى أم أنثى؟ فإن قال: أنثى فقل: لا تقع عينى عليك حتى تأتينى بالذكر، وإن قال: ذكر، فقل له: لا تقع عينى عليك حتى تأتينى بالأنثى، فلما غدا الصياد على الملك قال له: أخبرنى عن السمكة أذكر هى أم أنثى؟ قال: بل أنثى قال: فأتنى بذكرها، قال: عمّر الله الملك إنها كانت بكرا لم تتزوج بعد، فقال له الملك: حسنا، حسنا، وأمر له بأربعة آلاف درهم، وأمر أن يكتب فى ديوان الحكمة: إن الغدر ومطاوعة النساء يورثان الغرم. وبعض قصص النساء بها غير قليل من الفحش، وقد تذكر أشياء غريزية تنبو عن الأذواق (٢) على نحو ما يجرى فى بعض قصص ألف ليلة وليلة، وكانت قد ترجمت، فربما تأثر المؤلف بها، وربما تأثر المؤلف فى ذلك بالشعر المفحش الكثير الذى كان موجودا فى العصر. وقد يكون ذلك من أسباب تنكر المؤلف وإخفائه لاسمه. ويلقانا قصص دينى عن بعض الزهاد، وقد نلتقى بحكايات صوفية، بل قد نلتقى بما يصور كرامات المتصوفة التى سبق أن تحدثنا عنها التى كان ينكرها وشيوخهم الأجلاء، فمن ذلك ما رواه الكتاب،


(١) المحاسن والأضداد ص ٢٠١.
(٢) انظر مثلا القصة فى ص ١٩٣ وص ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>