للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفضائله ومساوئ المتنبئين ومحاسن الخلفاء الراشدين ومناقبهم ومساوئ من عادى على بن أبى طالب ومحاسن ابنيه الحسن والحسين ومساوئ قتلة الأخير ومحاسن السابقين إلى الإسلام ومساوئ المرتدين ومحاسن كلام الحسن بن على وعبد الله بن العباس وفضائل بنى هاشم ومحاسن الافتخار بالرسول. وكل هذه المقدمات ينفرد بها هذا الكتاب بالقياس إلى كتاب المحاسن والأضداد، وبمجرد أن نفرغ منها نجد الكتابين يلتحمان، حتى ليصبح كتاب المحاسن والمساوى كأنه نسخة جديدة لكتاب المحاسن والأضداد، مما يؤكد أن مؤلفهما واحد، وكأن البيهقى ألّف الكتاب الأول، وأقحم فيه ما أقحم من أفكار الشعوبية والفحش فى القصص، ثم رأى أن يخرجه إخراجا جديدا وينسبه إلى نفسه، منحّيا منه ما يصور شعوبيته وما ينبو عن الأذواق السليمة من القصص المفحش مع وضع المقدمات آنفة الذكر. ويبدو منها أنه كان يكنّ نزعة شيعية، وإن لم يبرزها بقوة خوفا على نفسه من المقتدر وحواشيه. وهو فى هذه النسخة الجديدة للكتاب يذكر ابن المعتز (١) على نحو ذكره له فى النسخة القديمة أو بعبارة أخرى فى المحاسن والأضداد.

وطبيعى أن تكون مصادر هذا الكتاب هى نفسها مصادر الكتاب الأول المنحول للجاحظ، لأنه ليس أكثر من نسخة مجدّدة له، وغاية ما هناك أنه دخله تنقيح وتهذيب كثير، وإذن فكل ما قلناه عن المزيج الثقافى فى المحاسن والأضداد ينطبق بحذافيره على هذا الكتاب، ففيه بعض آى القرآن والأحاديث النبوية وأقوال بعض الصحابة والزهاد، وفيه أخبار وأقاصيص منقولة عن الأنبياء وعن عيسى وحوارييه، ومن طريف ما نقله عنه، قوله (٢):

«إن ابن آدم خلق فى الدنيا فى أربع منازل، هو فى ثلاثة منها واثق بالله عزّ وجلّ، وهو فى الرابعة سيّئ الظن، يخاف خذلان الله عزّ وجلّ إياه، فأما المنزلة الأولى فإنه خلق فى بطن أمه خلقا من بعد خلق فى ظلمات ثلاث:

ظلمة البطن وظلمة الرّحم وظلمة المشيمة، ينزل الله جلّ وعزّ عليه رزقه فى جوف ظلمة البطن. فإذا خرج من ظلمة البطن وقع فى اللبن لا يخطو إليه بقدم


(١) راجع المحاسن والمساوى ص ١/ ٢٧٦، ٢/ ٤٤، ٤٥
(٢) المحاسن والمساوى ١/ ٤٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>