للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاجتماع معك، معمورا بلقائك، جمع الله شمل سرورى بك، وعمّر بقائى بالنظر إليك» (١). ومن ذلك فصل فى شفاعة: «موصل كتابى فلان، وقد جعلت الثقة به مطيته إليك، فلا تنضها (تهزلها) بمطلك، وأسرع ردّها بسابق إنجازك، وتصديق الأمل فيك والظن بك» (٢)، ولا ريب فى أنه كان يسجع أحيانا ففى بعض فصوله: «قد ملت إليك فما أعتدل، ونزلت بك فما أرتحل، ووقفت عليك فما أنتقل» (٣) وفى فصل آخر: «تولّى الله عنى مكافأتك، وأعان على فعل الخير نيتك، وأصحب بقاءك عزّا يبسط يدك لوليك وعلى أعدائك، وكلاءة (حراسة) تذبّ عن ودائع مننه عندك، وزاد فى نعمك وإن عظمت، وبلّغك آمالك وإن انفسحت» (٤). وله فى وصف الكتاب والقلم (٥):

«الكتاب والج الأبواب، جرئ على الحجّاب، مفهم لا يفهم، وناطق لا يتكلم، به يشخص (يحضر) المشتاق، ومنه يداوى الفراق. والقلم مجهز لجيوش الكلام يخدم الإرادة، ولا يملّ الاستزادة، يسكت واقفا، وينطق سائرا، على أرض بياضها مظلم، وسوادها مضئ، وكأنه يقبّل بساط سلطان، أو يفتح نوّار بستان».

والوصف يكثر فيه السجع، كما يكثر التصوير، فقد شخّص الكتاب وجسّمه فى صور كثيرة، وبالمنل صنع بالقلم، وأخرجه مع الصحف التى يكتبها فى صور بديعة:

وكان الكتّاب يكثرون من الدعوة للزيارة ولقضاء بعض الوقت فى اللهو ولسماع الغناء أو للسمر والطعام. وأكثروا من التهانى فى كل مناسبة فى الأعياد وفى الزواج وفى إنجاب الأولاد وفى ختانهم، وفى الحج وقضاء مناسكه، وفى وصف الطبيعة شتاء وفى الربيع. . . وقد تعقبنا انتشار السجع فى الرسائل الإخوانية طوال العصر، لندل على أن ذوقا عامّا أخذ يعنى به، وهى عناية جعلته يعمّ فى تلك الرسائل مع أواخر القرن الثالث، بل لقد أخذ يعمّ-منذ أواسطه-عند أبى على


(١) أشعار أولاد الخلفاء للصولى ص ٢٩٢.
(٢) الصولى ص ٢٩٠.
(٣) الصولى ص ٢٩١.
(٤) الصولى ص ٢٩٤.
(٥) الصولى ص ٢٩٢ وزهر الآداب. ٢/ ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>