حوله الجيف لا من أشبه الجيفة حولها النسور» ويذكر أقوالا لابن مسعود وعمر بن الخطاب، ثم ينقل فصلا طويلا من كتاب اليتيمة لابن المقفع وما يصوّر من الأدب الأخلاقى فى عهد ملوك الفرس الساسانيين، ثم يقول: «وقرأت فى التاج (وهو فى سيرة أنوشروان) لبعض الملوك: هموم الناس صغار وهموم الملوك كبار، وألباب الملوك مشغولة بكل شئ يجلّ، وألباب السّوق مشغولة بأيسر الشئ».
ويعود إلى النقل عن بعض النابهين من العرب، ثم يقول:«وقرأت فى بعض كتب العجم كتابا لأردشير بن بابك إلى الرعية، وينقل الكتاب جميعه، ويعقب عليه بكتاب من أرسططاليس إلى الإسكندر وفيه: «املك الرعية بالإحسان إليها تظفر بالمحبة منها، فإن طلبك ذلك منها بإحسانك، هو أدوم بقاء منه باعتسافك، واعلم أنك إنما تملك الأبدان، فتخطّها إلى القلوب بالمعروف، واعلم أن الرعية إذا قدرت أن تقول قدرت على أن تفعل، فاجهد ألا تقول تسلم من أن تفعل». ويتلو ذلك بقوله: «وقرأت فى كتاب الآيين (فى أنظمة الملك والدولة الساسانية) أن بعض ملوك العجم قال فى خطبة له: «إنى إنما أملك الأجساد لا النيات، وأحكم بالعدل لا بالرضا، وأفحص عن الأعمال لا عن السرائر» ويذكر أخبارا عن أنوشروان ومعاوية وعبد الملك بن مروان وعمر الفاروق وعن سياسة الحجاج فى رعيته، ثم يقول:«وقرأت فى كتاب التاج: قال أبرويز لابنه شيرويه وهو فى حبسه: «لا توسعنّ على جندك فيستغنوا عنك، ولا تضيّقنّ عليهم فيضجّوا منك، أعطهم عطاء قصدا، وامنعهم منعا جميلا، ووسّع عليهم فى الرجاء، ولا توسّع عليهم فى العطاء». ويروى عن عمر بن الخطاب «إن للناس نفرة عن سلطانهم، فأعوذ بالله أن تدركنى وإياك عمياء مجهولة وضغائن محمولة، أقم الحدود ولو ساعة من نهار، وإذا عرض لك أمران: أحدهما لله والآخر للدنيا فآثر نصيبك من الله، فإن الدنيا تنفد والآخرة تبقى. . . وإياك يا عبد الله أن تكون بمنزلة بهيمة مرّت بواد خصب فلم يكن لها همّ إلا السّمن، وإنما حتفها فى السّمن». ثم أخبار عن عبد الله بن الزبير فى الرعية، ولا يلبث أن يقول:
وفى كتاب من كتب العجم أن أردشير قال لابنه:«يا بنىّ إن الملك والدين أخوان لا غنى بأحدهما عن الآخر، فالدين أسّ والملك حارس، وما لم يكن له أسّ فمهدوم، وما لم يكن له حارس فضائع» ثم يذكر صفات ذميمة لا يصح