أن تكون فى السلطان. ويتحدث عن اختيار العمال ويختم حديثه بقوله: قرأت فى كتاب للهند «السلطان الحازم ربما أحبّ الرجل فأقصاه واطّرحه مخافة ضرّه، فعل الذى تلسع الحية إصبعه، فيقطعها لئلا ينتشر سمّها فى جسده، وربما أبغض الرجل فأكره نفسه على توليته وتقريبه لغناء يجده عنده كتكاره المرء على الدواء البشع لنفعه». ويعرض لصحبة السلطان وآدابها وتغير السلطان وتلونه، ويقول:
«قرأت فى كتاب للهند: صحبة السلطان على ما فيها من العز والثروة عظيمة الخطار. وإنما تشبّه بالجبل الوعر فيه الثمار الطيبة والسباع العادية، فالارتقاء إليه شديد، والمقام فيه أشد. . . ولا خير فى الشئ الذى فى سلامته مال وجاه، وفى نكبته الجائحة والتلف». وينقل عن بعض العرب ورجالاتهم وعن آداب ابن المقفع وعن بعض النساك والمعتزلة والوعّاظ وعن بعض كتبه التى كتب بها إلى الحكام والوزراء وعن بعض الكتاب وعن أبرويز فى بعض ما كتب به إلى ابنه شيرويه وعن بعض رجال الحكم من العرب، ويستشهد ببعض الأشعار للقطامى وبشار وغيرهما، ويعرض لخيانات العمّال، وينقل من كتاب التاج: أن أبرويز قال لصاحب بيت المال: «إنى لا أحتملك على خيانة درهم، ولا أحمدك على حفظ ألف ألف درهم، لأنك إنما تحقن بذلك دمك وتعمر به أمانتك، فإنك إن خنت قليلا خنت كثيرا». ويكثر فى فصل القضاء المعقود فى هذا الكتاب من النقل عن العرب وأحكام الإسلام، ويروى كتاب عمر بن الخطاب إلى أبى موسى الأشعرى فى القضاء، وهو دستور عظيم فى عدالة القضاء ونزاهته. وتتوالى فصول عن الأحكام والشهادات والظلم، وفيها يكثر من النقل عن العرب نثرا وشعرا، ويعود فى الفصول التالية إلى النقل عن كتب الهند والفرس.
والكتاب الثانى كتاب الحرب، وفيه يتكلم عن آدابها ومكايدها وأوقاتها وحيلها وعددها وسلاحها، ويبدؤه بحديث عن الرسول عليه السلام وببعض وصايا أبى بكر وعمر للجيوش وقوّادها عند عقد الألوية، ويذكر بعض ما قرأ فى كتب العجم والهند، ومما قرأه فى الأخيرة: «الحازم يحذر عدوه فى كل حال، يحذر المواثبة إن قرب، والغارة إن بعد، والكمين إن انكشف، والاستطراد إن ولّى، والمكر إن رآه وحيدا، ويكره القتال ما وجد بدّا، لأن النفقة فيه من الأنفس، والنفقة فى