غيره من المال». ويذكر بعض حيل الفرس والعرب فى الحرب، ويتحدث عن آداب الفروسية عند الأمتين، ويفيض فى الحديث عن الشجعان وإنشاد الشعر الحماسى.
والكتاب الثالث كتاب السؤدد، ويتكلم فيه عن مخايله وأسبابه، ويعرض لجوانب كثيرة من الشرف والأخلاق الرفيعة، ويفتح فيه فصلا للمزاح والرخصة فيه، ويدعو إلى التوسط فى الدين والحلم والعقل والغنى والإنفاق، وكأنه يتأثر بنظرية الأوساط المعروفة عند أرسططاليس. ويفرد الكتاب الرابع للطبائع والأخلاق المذمومة من مثل الحسد والغيبة والسعاية، وفيها يقول: وقرأت فى كتاب للهند:
«قلما يسنع القلب من القول إذا تردّد عليه، فإن الماء ألين من القول، والحجر أصلب من القلب، وإذا انحدر عليه وطال ذلك أثّر فيه، وقد تقطع الشجرة بالفئوس فتنبت، ويقطع اللحم بالسيوف فيندمل، واللسان لا يندمل جرحه والنصول تغيب فى الجوف فتنزع، والقول إذا وصل إلى القلب لم ينزع، ولكل حريق مطفئ: للنار الماء. وللسم الدواء، وللحزن الصبر. وللعشق الفرقة، ونار الحقد لا تخبو». ويذكر أن واشيا وشى برجل إلى الإسكندر فقال له:
«أتحب أن أقبل منك ما قلت فيه على أن أقبل منه ما قال فيك؟ قال: لا، قال فكفّ عن الشّرّ يكفّ عنك الشر»، وينقل فى هذا الكتاب عن كثيرين من العرب شعرا ونثرا. ويستطرد إلى الحيوانات وطبائعها متأثرا بالجاحظ، ويعرض للحشرات وينقل فيها عن أطباء العصر، كما يعرض للنبات. ويعقد الكتاب الخامس للعلم والبيان، ويستهله بحديث عن الرسول ويقول: فى كتاب للهند: العالم إذا اغترب معه من علمه كاف كالأسد معه قوته التى يعيش بها حيث توجّه، ويذكر عن بزرجمهر أنه قيل له: بم أدركت ما أدركت من العلم؟ فقال ببكور كبكور الغراب، وحرص كحرص الخنزير، وصبر كصبر الحمار» ويذكر عن أفلاطون أنه قال:«لولا أن فى قول لا أعلم سببا لأنى أعلم لقلت إنى أعلم».
ويروى بعض كلمات للمسيح عليه السلام، ويفتح فصولا للقرآن الكريم والحديث الشريف والفرق والأهواء فى الدين، ويعرض لبعض صور الكلام والشعر، كما يعرض طائفة كبيرة من الخطب منذ الرسول عليه السلام إلى المأمون.