من الشواهد والأساليب الأدبية، ويغلب أن يقول فى ختام المادة:«ومن المجاز» فيقرن الأساليب المجازية إلى الأساليب الحقيقية. وألف فى غريب الحديث النبوى كتابه «الفائق» وهو معجم طريف للأحاديث المحتوية على بعض الألفاظ الغريبة، وصنف فى تفسير القرآن الكريم وألفاظه «الكشاف» وشهرته تملأ الخافقين. ومن بحوثه اللغوية شرح لأبيات سيبويه والمستقصى فى أمثال العرب والقسطاس فى العروض. ومن بحوثه النحوية كتابه المفصل، جعله فى أقسام أربعة: قسم للأسماء وقسم للأفعال وقسم للحروف وقسم للمشترك وأراد به الإمالة والوقف والإبدال والإعلال، ولابن يعيش شرح مطول على هذا الكتاب مشهور.
وللزمخشرى بجانبه فى النحو كتاب سماه النموذج. ولا ريب فى أن هذا العالم النحوى اللغوى العظيم بعث فى مكة حركة علمية مباركة فى فنون اللغة والنحو والتفسير ولا بد أن كثيرين شدّوا الرحال إليه فى مكة ليتلقوا عنه مصنفاته، وليحملوا عنه الإجازات بروايتها سماعا وإلقاء. وممن نزل بمكة وجاور بها سنين من كبار اللغويين الصغانى الحسن (١) بن محمد المتوفى سنة ٦٥٠ وحياته تقصّ ما قلناه من وحدة الثقافة فى العالمين العربى والإسلامى، فقد ولد سنة ٥٧٧ فى لاهور عاصمة إقليم بنجاب فى الهند، ونشأ فى إقليم صغان كورة من بلاد السّغد، ويذكر مترجموه شيخين له فى الهند، فالشيوخ ومعلمو العربية والشريعة منبثون فى أنحاء العالم الإسلامى، حتى فى أبعد دياره. ورحل فى طلب العلم إلى بغداد ودخل مكة وجاور بها سنتين، ودخل اليمن، واستطاع بمن لقيهم من الشيوخ فى موطنه وغير موطنه، وأهم من ذلك بما قرأ من كتب التراث، أن يصبح إماما من أئمة اللغة العربية، مما جعله موئلا للطلاب فى كل مكان نزل به وخاصة فى مكة. وعنى بوضع المعاجم والكتب فى اللغة، ومن أهمها: مجمع البحرين فى اثنى عشر مجلدا ويقول فى مقدمته إنه جمع فيه بين معجم الصحاح للجوهرى ومعجم له سماه «التكملة والذيل والصلة». وعادة يفصل فى مجمع البحرين بين ما ينقله من الصحاح وما ينقله من معجمه بوضع حرف ص لما ينقله من الصحاح وحرف التاء لما ينقله من التكملة وحرف الحاء لما ينقله من الذيل والصلة. ونشر مجمع اللغة العربية معجم «التكملة والذيل والصلة» المذكور فى ستة مجلدات، وقد ضمنه ما فات الجوهرى فى صحاحه من بعض مواد اللغة وما وقع فيه من أغلاط وأوهام. وله كتاب فى الأضداد، وكتاب سماه النوادر فى اللغة روى فيه غرائب اللغة التى نصّ عليها علماء اللغة الأقدمون، وفى دار الكتب المصرية منه مخطوطة. وحاول بأخرة من عمره أن
(١) انظره فى العقد الثمين ٤/ ١٧٦ والجواهر المضية ١/ ٢٠١ وشذرات الذهب ٥/ ٢٥٠ والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى ٧/ ٢٦.