للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو دون المتوسط. ولعل القارئ لاحظ أننا اكتفينا بالخريدة عن عرض المختصر فى أخبار زبيد لعمارة اليمنى الذى أشرنا إليه آنفا، لأن الخربدة تستغرقه.

ونترك العماد ومصدره العام أو خريدته عن اليمن والحجاز وشعرائهما حتى منتصف القرن السادس الهجرى، وبعد ذلك فالحجاز أهم مصدر له من منتصف هذا القرن حتى الربع الأول من القرن الثامن الهجرى كتاب العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين للفاسى وبه شعراء ممن جاوروا بمكة كثيرون، وبه مكيّون، ولدوا فى مكة ونشئوا بها واستيقظت مواهبهم الشعرية فيها، وأكثر أشعارهم مدائح زيدية فى حكام مكة وأمرائها الزيديين. وتكثر المدائح النبوية فى هذا الكتاب سواء لشعراء مكة أو لمن نزلوها وأنفقوا بقية حياتهم فيها أو فى المدينة، ولهم غزل رقيق نحس فيه نفحات الوجد الصوفى. ويلى هذا المصدر فى الأهمية من الترجمة لشعراء الحجاز كتاب سلافة العصر لابن معصوم، وقد ترجم فى مكة لأكثر من ثلاثين شاعرا من شعراء القرنين العاشر والحادى عشر الهجريين، وأكثر أشعارهم مدائح لأمراء مكة، وكثير منها معارضة لقصائد الشعراء السالفين النابهين ويلاحظ ذلك ابن معصوم فى غير موضع من كتابه، كما يلاحظ كثرة تصنعهم لألوان البديع وللتعبير عن التواريخ. وتكثر فى أشعارهم المدائح النبوية (والمناجيات) الإلهية. ومثلهم شعراء المدينة الذين ترجم لهم ابن معصوم، وهم أربعة عشر شاعرا ونجد عندهم الألوان الشعرية المتأخرة مثل الدوبيت. ويلقانا بعض شعراء الحجاز فى كتاب ريحانة الألبا للخفاجى المتوفى سنة ١٠٦٩ وبه قسم عن مكة والمدينة، وألف ذيلا له المحبى سماه نفحة الريحانة، وبه قسم عن نبغاء الحجاز وألف المحبى أيضا كتاب خلاصة الأثر فى أعيان القرن الحادى عشر وبه تراجم لبعض شعراء مكة والمدينة ومثله كتاب سلك الدرر فى أعيان القرن الثانى عشر للمرادى وكتاب تاريخ الجبرتى، ففيهما بعض تراجم لمكيين ومدنيين.

وإذا تركنا الحجاز إلى اليمن بعد من ترجم لهم العماد فى خريدته وجدنا توران شاه الأيوبى يفتتحها سنة ٥٦٩ ويزيل منها الدويلات التى تحدثنا عنها آنفا، ويتحول شعراء اليمن إلى مديحه وفى مقدمتهم أبو بكر العيذى شاعر دولة الزّريعيين. ويتولاها بعده أمراء من أسرته، لعل أهمهم الأمير المسعود بن الملك الكامل صاحب مصر، وقد دخلها سنة ٦١٢ وكان يصحبه بعض الشعراء والأدباء وفى مقدمتهم أبو الغنائم الشيزرى، ولخزانته وباسمه ألف فى اليمن كتابه «جمهرة الإسلام ذات النثر والنظام» وقد قسمه إلى أكثر من عشرة كتب، وختم كل كتاب ببعض أشعاره فى مديح المسعود. وكان قد حج الأمير المسعود فى سنة ٦٢٥ وأناب عنه عمر بن على بن رسول، وتوفى بمكة، فانتهز الفرصة عمر واستقل باليمن وأسس فيها دولة بنى رسول التى ظل

<<  <  ج: ص:  >  >>