للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجمة لاتينية وأخرى ألمانية فى عصر النهضة. ومن الأطباء النابهين بعده أبو الحسن سعيد (١) بن هبة الله طبيب الخليفتين المقتدى والمستظهر، وكان لا يزال على قيد الحياة فى سنة ٤٨٩ ويظن أنه توفى سنة ٤٩٦ وقد اشتهر بكتاب كبير فى الطب صنفه للمقتدى، سماه المغنى فى تدبير الأمراض وتعريف العلل والأعراض. وكان يعاصره يحيى بن عيسى (٢) بن جزلة المتوفى سنة ٤٧٣ وكان نصرانيا ثم اعتنق الإسلام، وصنف كثيرا من الكتب باسم الخليفة المقتدى أهمها كتاب تقويم الأبدان فى تدبير الإنسان، وقد ترجم إلى اللاتينية ثم الألمانية، ويشتمل على ٤٤ لوحة، وبه وصف لنحو ٣٥٠ مرضا. وأنبه الأطباء فى القرن السادس هبة (٣) الله بن التلميذ النصرانى المتوفى سنة ٥٦٠ وكان طبيب الخليفة المقتفى، ويقول ألدومييلى إن كتبه خالية من كل أصالة، وهى صفة تشمل أطباء العراق بعامة بعده. وليس معنى ذلك أن العناية قلت بالبيمارستان وأطبائه، فقد زار ابن جبير بغداد سنة ٥٨٠ وشاهد البيمارستان ووصفه بقوله: إنه «على دجلة وتتفقده الأطباء كل يوم اثنين وخميس ويطالعون أحوال المرضى به ويرتبون لهم أخذ ما يحتاجون إليه، وبين أيديهم قومة يتناولون طبخ الأدوية والأغذية، وهو قصر كبير فيه المقاصير والبيوت وجميع مرافق المساكن الملوكية» (٤).

وتمضى الحركة العلمية والفلسفية فى نشاطها بالعراق إلى أن يكتسحه قطعان المغول فى منتصف القرن السابع الهجرى، إذ قوّضوا صرحها فى بغداد وغير بغداد، وربما كان أنبه المشتغلين بعلوم الأوائل قبل هذا الانهيار الفظيع أثير الدين الأبهرى (٥) الموصلى المتوفى سنة ٦٦٣ وله مختصر فى علم الهيئة ورسالة فى الإسطرلاب وشرح لإيساغوجى وكتاب هداية الحكمة فى المنطق والطبيعيات والإلهيات. ويضعف الاشتغال بعلوم الأوائل أو يأخذ فى الضعف، ومن المؤكد أنه ظل، ولكن لم تعد له نفس القوة القديمة، ويلقانا من حين إلى آخر بعض المتفلسفين أو العلماء مثل أبى القاسم محمد بن أحمد السيماوى (٦) العراقى الذى عاش فى النصف الثانى من القرن السابع الهجرى، وله كتب كثيرة فى الكيمياء أشهرها كتاب العلم المكتسب فى زراعة الذهب، وممن نلتقى بهم فى القرن التاسع الهجرى بدر


(١) راجع ابن أبى أصيبعة ص ٣٤٢ وألدومييلى ص ٢٤٢، ٢٥٤.
(٢) ابن أبى أصيبعة ص ٣٤٣ والقفطى ٣٦٥ وألدومييلى ص ٢٤١، ٢٥٣.
(٣) ابن أبى أصيبعة ص ٣٤٩ والقفطى ص ٣٤٠ وألدومييلى ص ٣٢١.
(٤) ابن جبير ص ٢٢٥.
(٥) راجع فيه ابن خلكان ٥/ ٣١٣ فى ترجمة كمال الدين بن يونس ودائرة المعارف الإسلامية وما بها من مراجع وبروكلمان (فى الطبعة الألمانية) ١/ ٤٦٤.
(٦) انظر ألدومييلى ص ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>