بالإسرائيليات. ومن خير التفاسير السنية تفسير ذاع وشاع منذ تأليفه فى القرن الماضى، وهو كتاب «روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم والسبع المثانى» لشهاب الدين محمود الألوسى الذى مر ذكره والمتوفى سنة ١٢٧٠ هـ/١٨٥٣ م، وهو يعنى فى تفسيره ببيان أسباب النزول وبتفسير آى القرآن بعضها ببعض، وتفسيرها بالحديث النبوى، ويعنى باللغة ومسائل النحو والبلاغة، وقد اعتمد على كثير من مصادر التفسير فى القديم، وخاصة على الكشاف والبيضاوى والفخر الرازى، وهو يخوض مثل الفخر فى مباحث فلسفية ورياضية وطبيعية كثيرة. وقد عنى عناية واسعة بالرد على الطبرسى الشيعى فى تفسيره، وخاصة فى مسائل الإمامية الاعتقادية. ونراه يعنى بالرد فى مسائل كثيرة على حجج الشافعية، وخاصة تلك التى يثيرها المفسر الشافعى الكبير الفخر الرازى فى تفسيره. ومع أنه كان حنفياّ، والحنفية غالبا كانوا معتزلة أو ماتريدية، نراه فى تفسيره أشعريا، وهو بذلك يلتقى مع الفخر الرازى فى نصرته للمذهب الأشعرى. ويذكر ابن عربى مرارا فى تفسيره، ويتضح تأثره به وبتفاسير الصوفية عامة حين نراه فى كثير من الآيات بعد أن يوضح المراد منها يتغلغل فى معان باطنة لا يدل عليها ظاهرها أى دلالة، ومن الغريب أنه يذكر مرارا أن قصر مراد الله على التأويلات البعيدة كفر صريح ومع ذلك نراه أحيانا يتمادى فيها، وكان حريا أن يخلى تفسيره منها ومن شوائبها إخلاء تامّا.
وقد ذكرنا فى العصر العباسى الثانى للتفسير الشيعى بعض التفاسير التى نسبها الشيعة إلى أئمتهم، مثل تفسير الإمام الحسن العسكرى المتوفى سنة ٢٦٠ وهو الإمام الحادى عشر فى ترتيب الإمامية، وبمجرد اطلاعنا عليه نستبعد أن يكون من صنعه حقا لركاكة أساليبه ولما فيه من تأويلات باطنية بعيدة. ويأتى بعده تفسير القمى (١) على بن إبراهيم المتوفى لأوائل القرن الرابع الهجرى، وهو فى جملته نقول عن أئمة الإمامية وكثير منها يبعد عن ظاهر النص القرآنى ومراده، مما يدل على أن نسبتها إليهم غير صحيحة. وما نصل إلى أواخر القرن الرابع حتى نلتقى بالشريف الرضى المتوفى سنة ٤٠٦ وبتفسيره الذى سماه «حقائق التأويل فى متشابه التنزيل» وقد نشر منه فى بيروت الجزء الخامس، ومن يطلع عليه يجد له فيه عملين كبيرين: أولهما البعد عن التفسير الباطنى الشيعى لآيات الذكر الحكيم، وثانيهما ترك الروايات عن الأئمة والاحتكام إلى العقل، وهو احتكام وصل تفسيره بتفاسير المعتزلة،
(١) انظره فى طبقات المفسرين للداودى ١/ ٣٨٥ والذريعة إلى تصانيف الشيعة لأغابزرك ٤/ ٣٠٢ وتفسيره مطبوع بالنجف.