للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسبعة وتسمّى المسدّسات والمسبّعات. وشاع فى الحقب المتأخرة تخميس بعض القصائد المشهورة مثل همزية البوصيرى وبردته

وتظهر الرّباعيّات مع المسمّطات والشعر المزدوج، وقد ذكرنا فى كتاب العصر العباسى الأول أنها بدأت مع بشار وحماد عجرد وأنها كثرت عند أبى نواس وأبى العتاهية، وضربنا لها بعض الأمثلة، والرباعية أربعة شطور من الشعر تؤلّف بيتين، ولأنها تتكوّن من أربعة شطور سميت رباعية، وعادة يتحد الشطر الأول والثانى والرابع فى القافية، أما الشطر الثالث فقد يتحد مع تلك الشطور فى قافيته وقد يختلف. وتلقانا هذه الرباعيات كثيرا فى اليتيمة والدمية والخريدة، وفى كتب الأدب مثل معجم الأدباء، ومرّ بنا أنه ترجم لشاعر يسمى مدرك بن على الشيبانى، وذكر له أرجوزة تشتمل على خمسين دورا كل دور رباعية منفردة. وبذلك أعد نمط الرباعية من قديم لظهور الشعر الدورى فى العربية.

ولم يكن شعراء العصرين: العباسى الأول والثانى يخصّون الرباعية بوزن معين، بل كانوا ينظمونها فى جميع أوزان الشعر حتى إذا كان هذا العصر: عصر الدول والإمارات وجدنا الفرس يشركون العرب فى استخدامها متخذين لها اسم «دو بيت» و «دو» عندهم اثنان. وأيضا فإن الفرس والعرب جميعا أخذوا يستخدمون فيها وزنا جديدا هو: «فعلن متفاعلن فعولن فعلن» وهو الذى ضبطه العروضيون، وأهم منه وزن ثان هو «فعلن فعلن مستفعلن مستفعلن». وتصور ذلك رسالتان (١) فريدتان فى عروض الدوبيت» نشرهما هلال ناجى ببغداد، وهما لمالك بن المرحّل المتوفى سنة ٦٩٩ وأولاهما تعنى بالوزن الأول للدوبيت، والثانية تعنى بالوزن الثانى، ومن أجل ذلك رجح هلال ناجى أن لا تكون الرسالة الثانية من صنع مالك. ويبدو أن الفرس فى القرن الخامس كانوا أكثر شغفا بالرباعيات من العرب على نحو ما هو معروف عن الخيام فى رباعياته، وتلقانا فى الخريدة رباعيات كثيرة، ويترجم العماد فيها لشاعر من موظفى الخلافة العباسية وعمالها فى الستينيات من القرن السادس الهجرى، يسمى أبا المحاسن (٢) بن البوشنجى، ويقول إنه كان لهجا بنظم الرباعيات، ويسوق له طائفة منها فى الغزليات والخمريات من مثل قوله متغزلا:

ما أطيب ما زار بلا ميعاد ... يختال كغصن بانة ميّاد


(١) انظر الرسالتين فى العدد الرابع من المجلد الثالث من مجلة المورد ببغداد.
(٢) انظر ترجمته فى الخريدة ٢/ ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>