للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألغازه الشعرية فى العقل والرمّانة وكيزان الفخّار والنّاى وفيه يقول:

له رأس يخالف منه جسما ... بلا رجل فقس فيما تقيس

يئنّ أنين صبّ مستهام ... مشوق قد نأى عنه أنيس

وليس بذى صبابات فيهوى ... ولكنّ الهوى فيه حبيس

غير ألغاز أخرى ذكرها العماد، وألغازه طريفة، غير أن من جاء وابعده حشدوا فيها شعرا رديئا معقدا. وقد أكثر الشعراء فى الحقب المتأخرة من التواريخ فى الشعر، إذ يحسبون بيتا أو نصف بيت بحساب الجمّل مؤرخين للسنة التى نظموا فيها قصائدهم أو لسنة العرس الذى هنّأوا به أو للسنة التى ولد فيها غلام إلى غير ذلك مما لا يفيد معنى.

ومع ذلك فقد كان هناك شعراء مجيدون دائما، كانوا أعلاما نابهين، وسنفرد لهم بعض الصحف التالية.

ومن أهم ما تمتاز به أقاليمنا فى العصور الوسطى أنه كانت تسود بينها فى الأدب وفى العلم وحدة، جعلت كل شاعر نابه فى إقليم كأنه شاعر البلاد العربية جميعها، كما جعلت كل لون جديد يظهر فى إقليم لا يلبث أن تنظم فيه الأقاليم الأخرى، ومن خير الأمثلة الدالة على ذلك الموشحات، إذ نجدها تظهر فى الأندلس ويضع لها قوانينها فى القرن السادس شاعر مصرى هو ابن سناء الملك، ونراها على ألسنة الشعراء فى الشام والعراق وغيرهما من البلدان العربية، ومن أمثلتها فى الخريدة موشحة (١) لشاعر موصلى هو التاج البلطى المتوفى سنة ٥٩٩. ويلقانا فى القرن السابع وشاح عراقى كبير ترجم له ابن تغرى بردى فى المنهل الصافى باسم شهاب الدين الموصلى (٢) أحمد بن الحسن صاحب الموشحات، وكان يستخدمها فى المديح وغير المديح، وينشد ابن تغرى بردى موشحة له عارض بها موشحة للقاضى الفاضل عبد الرحيم، تجرى على هذا النحو:

بى من حوى الحسن كلّه ... وفاق غيد الأكلّه (٣)

بدر تمام مصوّر ... ما فيه نقص الأهلّه

فشعره لليالى ... وفرقه للصباح

وجفنه للنّصال ... وقدّه للرّماح

وريقه للزّلال ... وثغره للأقاح


(١) الخريدة (قسم الشام) ٢/ ٣٨٩
(٢) انظر ترجمته فى المنهل الصافى لابن تغرى بردى (طبع دار الكتب المصرية) ١/ ٢٥١
(٣) الأكلة هنا: جمع كلة وهى الستر أو لعلها جمع إكليل وهى عصابة تزدان بالجواهر

<<  <  ج: ص:  >  >>