للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفصل الأول فى مدائح الخلفاء، والفصل الثانى فى مدائح جماعة من الوزراء والأكابر كما يقول فى مقدمته، والفصل الثالث فى مدائح بنى المظفر، يقول: «لأننى نشأت فيهم، وصحبتهم أنا وجدى لأمى، وكنت منقطعا إليهم لا أشيم (أنظر) غير سمائهم، فنظمت فيهم جلّ شعرى، وأنفقت معهم طائفة من عمرى» والفصل الرابع متنوعات من مراث وزهد وغزل وعتاب وهجاء. والزهد عنده قليل مما يدل على أن أثر جده لأمه الورع فيه كان ضعيفا. وواضح أن جمهور الشعر فى الديوان مدائح، ومع ذلك نرى له قصيدة ينصح فيها الشعراء أن يهجروا المديح إلى الهجاء، ويبدو أنه قالها فى لحظة عارضة فى حياته. وقد نوّه به وبشاعريته ابن خلكان تنويها عظيما قائلا: «كان شاعر وقته، لم يكن فيه مثله، جمع شعره بين جزالة الألفاظ وعذوبتها ورقة المعانى ودقتها، وهو فى غاية الحسن والحلاوة، وفيما أعتقده لم يكن قبله بمائتى سنة من يضاهيه».

وأول خليفة مدحه سبط ابن التعاويذى الخليفة المستنجد (٥٥٥ - ٥٦٦ هـ‍) وليس لأبيه المقتفى ذكر فى الديوان، وليس له فى المستنجد نفسه سوى قصيدة، وكأنه كان بعيدا عنه لعهد وزير الديوان ابن البلدى. حتى إذا ولى المستضئ (٥٦٦ - ٥٧٥ هـ‍) رأيناه يكثر من مدائحه، كما أكثر من مدائح ابنه الناصر، وظاهرة مهمة تلاحظ فى هذه المدائح، هى أن الشاعر يقترض من بيئة الإمامية الشيعية وغيرها من الغلاة بعض الأوصاف التى يصفون بها أئمتهم، ويصف بها المستضئ وابنه الناصر، وكأنه لم يعد هناك فرق بين مدح الشيعة لأئمتهم ومدح الشعراء لخلفاء بنى العباس، واقرأ هذا الاستهلال لمدحة لسبط ابن التعاويذى فى المستضئ:

لك النّهى بعد الله فى الخلق والأمر ... وفى يدك المبسوطة النفع والضّرّ

وطاعتك الإيمان بالله والهدى ... وعصيانك الإلحاد فى الدين والكفر

ولولاك ما صحّت عقيدة مؤمن ... تقىّ ولم يقبل دعاة ولا نذر

مر الدهر يفعل ما تشاء فإنه ... بأمرك يجرى فى تصرّفه الدهر

والغلوّ واضح فى البيتين الأخيرين، بل فى الأبيات كلها، حتى ليجعله يصرّف الدهر كما يشاء. ويمضى فى القصيدة فيصفه بأنه أمين الله ووارث النبى وإمام هدى عمّ عدله الرعية، وقد نطقت بفضله آى الذكر الحكيم يقصد قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). ودائما يردّد فى مدائحه له أنه جار على سنن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن مديحه له سيعدّ يوم القيامة من حسناته. ويخطو الشاعر فى مديحه لنناصر خطوات أكثر غلوّا على شاكلة قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>