للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى المقابسة الخامسة والثلاثين أنه يكتبها ووراءه خمسون عاما ويذكر فى المقابسة الحادية والستين أنه قرأ على أبى سليمان كتاب النفس ببغداد سنة ٣٧١، ويتحدث فى المقابسة الثانية والخمسين عن شخص توفى سنة ٣٨٦ وهناك مقابسة هى المقابسة الثانية والثمانون اختلفت المخطوطات فى تاريخ إملاء أبى سليمان لها على تلاميذه، هل هى سنة إحدى وسبعين أو هى سنة إحدى وتسعين. وإن صح التاريخ الأخير كان زمن المقايسات وإلقائها يمتد طويلا من نحو سنة ٣٧٠ حتى سنة ٣٩١ وإلا فقد امتد يقينا حتى سنة ٣٨٦.

وليست المقابسات جميعها من إملاء أبى سليمان فكثير منها من إملاء من كانوا يحضرون ندوته من المتفلسفة ورجال الفكر. ويذكر أبو حيان فى المقابسات الثانية والرابعة والواحدة والتسعين أنه حرّر كلام أبى سليمان وغيره من أهل الندوة فأخلاه مما كان فيه من اضطراب اللفظ وزيغ التأليف، ويقول إنه استنفد الطاقة فى تنقية الألفاظ من الشوائب، حتى يسلم التعبير. وجعل ذلك بعض المعاصرين يتسع فى الظن، فيقول إن صياغة المقابسات وغيرها من النصوص التى يحكيها أبو حيان عن المتفلسفة إنما هى من صنيعه، وإن أبا سليمان وغيره من جلسائه إنما لهم المعنى وحده. وقد يؤكّد ذلك بالقياس إلى أبى سليمان خاصة ما وصفه به أبو حيان فى الليلة الثانية من كتابه «الإمتاع» بأن فى لسانه لكنة ناشئة عن عجمته وما ذكره عنه من أن فى عبارته تقطعا فى السياق، غير أن ما نعرفه عن أبى حيان من أن أحدا لم يسلم من لسانه يجعلنا نشك فيما قاله عن أستاذه. ولعلى لا أجاوز الحق إذا قلت إن المقابسات فى جملتها من كلام أبى سلمان ورفاقه نصّا ولفظا. ومما يؤكد ذلك أن من يرجع إلى المقابسة السابعة عشرة المنسوبة لابن سوار المشهور باسم ابن الخمّار المتفلسف يجدها بنصّها ولفظها فى كتاب صوان الحكمة لأبى سليمان المنطقى ص ٣٣٥ ومثلها المقابسة الثانية والأربعون المنسوبة إلى نفس المتفلسف فإنها بنفس اللفظ والنص فى صوان الحكمة ص ٣٥٣. والمقابسة التاسعة والعشرون المنسوبة إلى النوشجانى موجودة بلفظها ونصها فى صوان الحكمة ص ٣٤١. ونفس أبى سليمان فى كتابه صوان الحكمة وفى رسائله التى ألحقها به الدكتور بدوى يملك بوضوح زمام العربية ويصدر عن ملكة بيانية جيدة. ونحن لا ننفى عن أبى حيان جهده فى تنسيق المقابسات وتصحيحه أو إصلاحه بعض عباراتها، ولكن هذا لا يعنى ما قيل من أن اللفظ أو الصياغة فى المقابسات له، والمعنى لأبى سليمان وصحبه، فصياغتها ولفظها أيضا لهم إلا ما أدخله أبو حيان فى بعض التغييرات وبعض الحذف أو الزيادات أحيانا. وقد طبع كتاب المقابسات طبعات مختلفة فى بومباى والقاهرة وبغداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>