للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستولوا على «خالنجان» بالقرب من أصفهان بالإضافة إلى ما كانوا استولوا عليه بجوارها من «شاه دز» واستولوا على «طبس» و «قاين» و «تون» و «روزن» و «خور» و (خوسف» فى قهستان وعلى «شمكوه» بجوار أبهر، وعلى «أستوناوند» فى مازندران، وعلى «أردهن» و «كردكوه» وقلعة الناظر فى خوزستان، وعلى «قلعة الطنبور» بجوار أرّجان، وعلى قلعة «خلاّدخان» فى فارس. وكان تملك الحسن بن الصبّاح وأتباعه لهذه القلاع الحصينة سببا فى أن يشعروا بأن لهم سلطانا سياسيا، حتى إذا توفى المستنصر ظلوا يدينون لنزار منفصلين عن الدعوة الفاطمية بمصر، وكان يطلق عليهم اسم الإسماعيليين الباطينيين والحشاشين. وفى الاسم الأخير ما قد يدل على أن كبارهم-على الأقل-كانوا يعرفون المخدر المعروف باسم الحشيش. ومضوا يدعون سرّا لعقيدتهم، وتحولوا إلى جماعات إرهابية تقتل كل من يقف فى سبيل دعوتها، وكان من أهم من قتلوه نظام الملك الوزير السلجوقى المصلح حين تصدى لهم وحاربهم وحاصر قلعتهم «ألموت» على نحو ما مرّ بنا فى غير هذا الموضع. ونرى ابن الأثير يذكرهم ويذكر ما كانوا يسفكونه من دماء ويثيرونه من رعب على مر السنين، من مثل قتلهم لفخر الملك بن نظام الملك ولعبد الرحمن السميرامى الوزير السلجوقى وللفقيه عبد الواحد الرويانى فى طبرستان والقاضى سعد الهروى فى همذان.

وكان السلاجقة يردون على هذه الاغتيالات بقتل بعض زعمائهم وأتباعهم، على نحو ما هو معروف عن قتل ابن عطاش وبعض أتباعه بأصبهان سنة ٤٩٩ وللسلطان سنجر مقتلة عظيمة فيهم سنة ٥٢١ ردا على قتلهم لوزيره معين الملك. وكان الحسن بن الصباح حيا فى أيام هذا السلطان، غير أنه لم يكن يبارح قلعة «ألموت» وبها توفى سنة ٥١٨ للهجرة.

وخلفه فى رياسة الطائفة كيابزرك حميد ثم ابنه محمد، وتبعهما دور ظهور الأئمة من أحفاد نزار، إذ ظلت فى أيديهم مقاليد السلطان والدعوة، وظل نشاط هؤلاء الحشاشين أو الإسماعيليين الشرقيين، حتى استطاع المغول فى منتصف القرن السابع الهجرى دكّ حصونهم وقتل آخر أئمتهم ركن الدين خورشاه (٦٥٣ - ٦٥٥ هـ‍.) وبقتله وتحطيم حصون أتباعه ينتهى عهد الإسماعيلية بإيران، ولا تبقى منهم إلا بقية لا وزن لها، ويعود هذا الفرع الإسماعيلى الشرقى إلى الظهور فى الهند، ويتخذ أصحابه «آغا خان» رئيسا روحيا لهم، وعادة يكون من أحفاد ركن الدين خور شاه الذى كان آخر أمراء قلعة «ألموت».

ومنذ قضاء المغول على إسماعيلية إيران تتحول تدريجا إلى قبضة الفرقة الإمامية الاثنى عشرية، ومع ذلك فقد ظل كثيرون يتبعون المذهب السنى، وينعكس ذلك على العلماء

<<  <  ج: ص:  >  >>