ويلقانا بجانب القصص الصوفى قصص فلسفى رمزى عند ابن سينا ويحيى السّهروردىّ، أما ابن سينا فله ثلاث أقاصيص، هى حىّ بن يقطان وسلامان وأبسال، ورسالة الطير. وتستهل أقصوصة حىّ بن يقظان بأن رفقاء (هى شهوات الإنسان وغرائزه) خرجوا يتنزهون، فبينما هم يطوفون إذ رأوا شيخا بهيّا هو حى بن يقظان وقد رمز به ابن سينا إلى العقل الفعال. ويدور حوار بين حى بن يقظان والرفقاء نعرف منه خطورة علم المنطق ويسميه علم الفراسة، كما نعرف أن الرفقاء رفقاء سوء وأن هناك شاهد زور هو قوة التخيل التى توقع الإنسان فى الشر، وأن الإنسان تحفّه من يمين القوة الغضبية ومن يسار القوة الشهوانية القذرة ولا نجاة منها إلا بالموت، مثلها فى ذلك مثل الرفقاء السوء من الغرائز، وأن على الإنسان أن يقمعها بالمجاهدة. ويقول حى بن يقظان إن حدود الأرض ثلاثة، حد يحوزه الخافقان، ويقصد به المركبات المحسوسة، وحد المغرب ويقصد به الهيولى، وحد المشرق ويقصد به الصورة. وبين هذين الحدين وبين عالم البشر سور مضروب لن يتجاوزه إلا الخواص المغتسلون فى عين فوّارة لعلها علم المنطق تطهرهم وتزكيهم، إذ تضيئ لهم الحقائق. ويشير إلى المملكة المعدنية والنباتية والحيوانية ويقول إن إقليم الإنسان تقابله أقاليم المملكة السماوية وما بها من الأفلاك التسعة أو العقول التسعة التى تتسلط على الأرض والكون، ثم العلة الأولى أو علة العلل وهى الذات الإلهية. ويتحدث عن عالم الأرض ويقول إنه رتّب على سكك خمس كسكك البريد، ويريد بها الحواس الخمس، ويقول إن فى الأرض أمة بررة رامزا بها إلى القوى العاقلة. وبذلك تنتهى الأقصوصة.
وأقصوصة سلامان وأبسال لها أصول يونانية، وهما أخوان كان أبسال أصغرهما سنّا وتربىّ فى كنف أخيه، ونشأ جميلا عفيفا، شجاعا عالما أديبا. وسلامان فى الأقصوصة هو النفس الناطقة، وأبسال هو العقل أو درجة العرفان، وكانت لسلامان زوجة رمزت بها الأقصوصة إلى القوة البدنية الأمارة بالشهوة، عشقت أبسال، فقالت لزوجها أخلطه بأسرتك، ولما خلت به أظهرت له عشقها، فأبى الانصياع لها أو قل أبى العقل الانصياع إلى القوة البدنية. ومكرت به فزوجته بأختها، وقالت لها إننى لم أزوجك بأبسال ليكون لك وحدك، وإنما ليكون لنا معا. وفى ليلة الزفاف جاءته بدلا من أختها وأخذت تعانقه وتضمه إلى صدرها، فلاح برق فى السماء أبصر على ضوئه وجه زوجة أخيه فتخلص منها. ويرمز البرق إلى جذبة من جذبات الحق، وينكشف الشّرك لعين أبسال، ويتخلص