للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما قلت من سيّئ مما أتيت به ... إذن فلا رفعت سوطى إلىّ يدى

إلا مقالة أقوام شقيت بها ... كانت مقالتهم قرعا على الكبد (١)

إذن فعاقبنى ربى معاقبة ... قرّت بها عين من يأتيك بالفند (٢)

أنبئت أن أبا قابوس أوعدنى ... ولا قرار على زأر من الأسد (٣)

مهلا فداء لك الأقوام كلّهم ... وما أثمّر من مال ومن ولد (٤)

لا تقذفنّى بركن لا كفاء له ... وإن تأثّفك الأعداء بالرّفد (٥)

وواضح أنه يقسم له بأيمانه الوثنية المغلظة أنه برئ مما يتّهم به من غدر، ويستنزل غضب ربه عليه إن كان غير صادق، ولتشلّ يده إن كان ما يقول الوشاة صحيحا. ولا يلبث أن يصور نفسه ضعيفا أمام النعمان وقوته وبطشه، ويمثله أسدا جائعا يزأر، وقد وقع منه موقع الفريسة. وسرعان ما يعود إلى الاستعطاف، فالناس جميعا من غساسنة وغير غساسنة فداء النعمان، بل إنه ليفديه بماله وولده، ويقول له لا ترمنى بما لا أطيق منك، وأنت الذى لا يستطيع الأعداء مهما تآزروا أن يثبتوا له. ويخرج من ذلك إلى مديحه، ثم يعود إلى استعطافه فيقول:

فما الفرات إذا هبّ الرياح له ... ترمى أواذيّه العبرين بالزّبد (٦)

يمدّه كلّ واد مترع لجب ... فيه ركام من الينبوت والخضد (٧)

يظلّ من خوفه الملاّح معتصما ... بالخيزرانة بعد الأين والنّجد (٨)

يوما بأجود منه سيب نافلة ... ولا يحول عطاء اليوم دون غد (٩)


(١) القرع: الضرب.
(٢) الفند: الكذب.
(٣) أبو قابوس: النعمان بن المنذر.
(٤) أثمر: أنمى وأجمع.
(٥) الكفاء: النظير والمثل. تأثف: تجمع. الوفد: الجماعات من الناس.
(٦) أواذيه: أمواجه. العبرين: الشاطئين.
(٧) مترع: مملوء. لجب: ذو صوت شديد. الينبوت: شجر. الخضد: المحطم من الأشجار.
(٨) الخيزرانة: سكان السفينة. الأين: التعب. النجد: الكرب.
(٩) سيب: عطاء. قافلة: زيادة يريد أن عطاءه وفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>