للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبجانب ابن خالويه وأبى الطيب اللغوى كانت هناك طائفة من نحاة أقل شهرة مثل أحمد بن البازيار وأحمد السميساطى وعلى بن محمد العدوى وعبد (١) الله بن عمرو الفياضى، وكان معهم النامى الشاعر، وكان سيف الدولة يعجب بشعره، وبدأ حياته نحويا فى بلدته المصّيصة، ثم تحول شاعرا، وكانت له إملاءات لغوية ونحوية بحلب والتف حوله كثيرون من التلاميذ.

وكان كشاجم على شاكلة النامى لغويا وشاعرا وله كتاب المصايد والمطارد وهو منشور، وكان له كتاب فى البيزرة وكتاب ثان فى أدب النديم. ومثله كان الخالديان: عثمان وأخوه أبو بكر محمد، ولهما تصانيف فى الشعر والشعراء مثل كتاب الحماسة وأخبار أبى تمام وأخبار ابن الرومى.

ولمع حينئذ فى سماء حلب كوكبان نحويان لغويان كبيران هما أبو على الفارسى وتلميذه ابن جنى. وقد تحدثنا عن نشاطهما اللغوى والنحوى فى كتابنا «المدارس النحوية» ويهمنا هنا أن نذكر أن ابن جنى لزم المتنى فى بلاط سيف الدولة وبعد ذلك فى بغداد وإيران وروى عنه ديوانه وشرحه شرحين، صغير مختصر وكبير مطول وعلى أساسهما بنيت شروحه فيما بعد. وأهم من شرحه بعده من أهل الشام أبو العلاء المعرى، وله عليه شرحان: كبير ومتوسط وهما معجز أحمد واللامع العزيزى سماه بهذا الاسم لأنه قدمه إلى عزيز الدولة ثابت (٢) بن ثمال بن صالح بن مرداس سنة ٤٣٤ وربما كان يتولى المعرة حينذاك. وفى ذلك ما يشير إلى ما قلناه مرارا من أن حكام الإمارات والمدن كانوا رعاة للعلم والأدب، ولعل فيه ما يشير أيضا إلى أن بنى مرداس الذين خلفوا الحمدانيين وظلوا حكاما على إمارة حلب من سنة ٤١٥ إلى سنة ٤٦٧ أعادوا لها ذكرى الحركة الفكرية التى بعثها فيها سيف الدولة الحمدانى وأسرته.

ولعل بلدا عربيا لم يظفر بما ظفرت به الشام فى أبى العلاء الشاعر اللغوى العبقرى المولود سنة ٣٦٣ والمتوفى سنة ٤٤٩ للهجرة وقد استوعب كل تراث زمنه من العلوم اللغوية والشرعية وعلوم الأوائل واستظهر ذلك كله فى أشعاره وفى رسائله وكتاباته النثرية، وكان للغة وغرائبها الحظ الأكبر، وكأن ليس هناك شاذة ولا شاردة لغوية إلا سلكها فى أشعاره ورسائله. ولذلك كان يفرد دائما شروحا لغوية لأعماله، وقد أفرد لديوانه سقط الزند شرحا سماه ضوء السقط وهو منشور، وأفرد للزوميات شرحا سقط من يد الزمن، ويقال إنه كان فى مائة كراسة، وأفرد للفصول والغايات وهى فى الزهد والعظات شرحا، أنشأه فى غريبها وسماه «السادن» كان فى


(١) انظر كتاب (أبو الطيب المتنبى) لبلاشير (ترجمة الدكتور الكيلانى) ص ٢٢٨
(٢) راجع إنباه الرواة ١/ ٦٥ وانظر معجم الأدباء ٣/ ١٦٢

<<  <  ج: ص:  >  >>