للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجلدا. وكان يعاصره الفقيه الحنبلى عبد (١) الوهاب بن طالب التميمى نزيل دمشق وإمام مسجد الريحان.

وخلف أبا الفرج الشيرازى على المذهب ابنه عبد الوهاب المتوفى سنة ٥٣٦ وتخرج من بيته فقهاء حنابلة كثيرون، ويعرفون فى دمشق والشام ببيت ابن الحنبلى، ولعبد الوهاب مثل أبيه تصانيف فى الفقه الحنبلى والأصول، منها المنتخب فى الفقه الحنبلى فى مجلدين والبرهان فى أصول الدين. ولعبد الوهاب على المذهب فى الشام يد سابغة، فقد بنى له بدمشق مدرسة تعرف بالمدرسة الحنبيلة، ويذكر ابن شداد أساتذتها من الحنابلة الفقهاء حتى أيام تأليف كتابه «الأعلاق الخطيرة» بعد سنة ٦٧٠. ويذكر بدمشق معها تسعة مدارس أخرى للحنابلة بنيت بعدها حتى زمن ابن شداد. ونشط بناء المدارس الحنبلية فى بيت المقدس وظل بعد ابن شداد على نحو ما يصوره ذلك النعيمى فى كتابه «الدارس فى تاريخ المدارس». وكان مما ضاعف نشاط هذا المذهب قرار الظاهر بيبرس أن يكون للحنابلة فى ديار الشام-كما فى ديار مصر-قاض فى كل بلد كبير بجانب قضاة الحنفية والمالكية والشافعية. ويتضح هذا النشاط وتتضح معه كثرة الفقهاء من الحنابلة منذ أيام الأيوبيين، ومن كبارهم حينئذ موفق (٢) الدين بن قدامة الجمّاعيلى المقدسى عبد الله بن أحمد المتوفى بدمشق سنة ٦٢٠ وهو من أئمة المذهب، وله كتب كثيرة فى الفقه الحنبلى وأصوله وأصول الدين، منها المغنى شرح به مختصر الخرقى المار ذكره فى عشر مجلدات، وهو مطبوع، والكافى فى أربع مجلدات، وله فى أصول الفقه كتاب روضة الناظر، وفى أصول الدين كتاب الاعتقاد. ويلقانا بعده فقهاء كثيرون من بيته يتردد ذكرهم طوال القرنين السابع والثامن.

وما نكاد نبلغ نهاية القرن السابع أيام المماليك حتى يتألق فى المذهب اسم الإمام ابن (٣) تيمية المتوفى سنة ٧٢٨ وقد صورنا جانبا من تحرره الفكرى واجتهاده فى غير هذا الموضع، ومرّ بنا حديثنا عن منهجه فى التفسير القرآنى، وله عشرات الرسائل والكتب فى المسائل التشريعية والعقيدية، ويقول الذهبى فى تذكرة الحفاظ إن مصنفاته التى سارت بها الركبان نحو ثلاثمائة مجلد، ومن أهم كتبه الفقهية فتاويه وهى مطبوعة قديما فى خمسة مجلدات كبار. ومن أعلام الفقهاء الحنابلة بعده تلميذه ابن قيم الجوزية المذكور بين البلاغيين وهو حامل فقهه وعلمه وناشرهما فى الناس وأضاف


(١) ابن رجب ١/ ٩٦
(٢) راجع فى ابن قدامة ابن رجب ٢/ ١٧٠ والبداية والنهارية ١٣/ ٩٩ والشذرات ٥/ ٨٨ والنجوم الزاهرة ٦/ ٢٥٦
(٣) مرت مصادر ابن تيمية فى الحركة العلمية ص ٥٥١

<<  <  ج: ص:  >  >>