للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا خير من خفقت عليه راية ... وأجلّ معقود عليه لواء

لك كلّ يوم منّة سيّارة ... فى الخافقين وغارة شعواء

وذكرنا-فيما أسلفنا-أن بنى عمار استطاعوا أن يكوّنوا لهم فى النصف الثانى من القرن الخامس الهجرى إمارة بطرابلس، وكانوا يقرّبون منهم الشعراء ويجزلون لهم فى العطاء، وذكر العماد الأصبهانى فى الخريدة نفرا من شعرائهم فى مقدمتهم ابن العلاّنى المعرى، وله من مدحة فى عمار بن محمد بن عمار: آخر أمرائهم (١):

يحتاطك التوفيق لا يألوك فى ... تسهيله لك كلّ صعب أوعر

دامت لك النعماء موصول بها ... توفيق منصور اللواء مظفّر

وسقطت من يده طرابلس فى حجر الصليبيين، وكانت لذلك مناحة كبيرة بين المسلمين.

وكان ابن العلانى-فيما يبدو-شيعيا، ولعله لذلك رحل إلى القاهرة وقدّم مدائحه إلى الوزير الأفضل بن بدر الجمالى، وله يقول فى إحدى مدائحه (٢):

ليزدد علوّا ملك مصر فإنها ... به حرم الله العزيز المحرّم

فمكة مصر، والحجيج وفوده ... ويمناه ركن البيت، والنّيل زمزم

ومن كبار الشعراء الذين نشأوا فى حجر بنى عمار واستظلوا بما أحدثوا فى طرابلس من حركة أدبية الشاعر الدمشقى ابن الخياط وسنخصه بترجمة مستقلة.

وأمراء حصن شيرز: بنو مقلّد بن منقذ على شاكلة بنى عمار فى طرابلس يتردد مديحهم على ألسنة الشعراء منذ استخلص على بن مقلد بن منقذ «شيزر» من أيدى الروم سنة ٤٧٤ وظلت أسرته تحكمها حتى أتى عليها زلزال شديد سنة ٥٥٢ هدمها من قواعدها وأهلك سكانها. وتغنى الشعراء طويلا باسم محررها فى القرن الخامس على بن منقذ وبخلفائه فى حكمها، كما نجد عند ابن منير والقيسرانى.

ويلقانا فى أواخر القرن الخامس والربع الأول من القرن السادس شاعر فلسطينى هو الغزّى إبراهيم بن يحيى المتوفى سنة ٥٢٤ وقد ترك غزة مسقط رأسه مبكرا إلى دمشق يختلف الى شيوخها، ثم رحل إلى بغداد وظل بالمدرسة النظامية فترة طويلة مدح فيها ورثى كثيرين من علمائها، ثم تركها


(١) الخريدة (قسم الشام) ٢/ ٧٨
(٢) الخريدة ٢/ ٨٢

<<  <  ج: ص:  >  >>