للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسائل كثيرة جمع منها أخيرا الدكتور عبد الكريم خليفة رئيس مجمع اللغة العربية الأردنى نحو أربعين رسالة، ونشرها فى ثلاث مجموعات، بدأها بالرسالة المنيحية التى أرسل بها إلى الوزير البغدادى أبى القاسم المغربى وتلاها بالرسالة الإغريضية المرسلة إلى الوزير نفسه. ويبدو أنه أرسل بالرسالتين إليه بعد فراره لعهد الحاكم بأمر الله من مصر، وسنعرض لهذه الرسائل فى غير هذا الموضع. ولأبى العلاء أيضا رسالة الملائكة وهى فى مسائل التصريف، طبعت قديما بالقاهرة.

ورسالة الغفران له مشهورة، وسنلم بها وبكتابه الفصول والغايات فى حديثنا عن النثر. وله «ملقى السبيل» فى الوعظ والزهد، وهو فيه يصوغ المعنى نثرا ثم يصوغه شعرا. وله ديوان صغير سماه الدّرعيات وهو أشعار فى وصف الدروع، وقد طبع ملحقا بديوانه الكبير سقط الزّند.

ونقف قليلا لنتحدث عن السقط ثم عن ديوانه الكبير الثانى اللزوميات، والسّقط أول ما يخرج من نار الزند وشرره، سمى أبو العلاء ديوانه الأول بهذا الاسم إشارة إلى أنه أول ما نظم وسمح به خاطره فشبهه بالسقط. وهو يجمع شعر الصبا ومنه قصيدة نظمها فى رثاء أبيه وهو فى الرابعة عشرة من عمره وشعر الشباب وبعض شعر له فى الكهولة ومنه قصيدة نظمها فى رثاء أمه وأخرى أرسل بها شاكرا مثنيا إلى خازن دار العلم ببغداد. وشرح أبو العلاء هذا الديوان وسمىّ شرحه «ضو السقط» وقد طبع فى مصر قديما. وطبعت دار الكتب المصرية الديوان ومعه ثلاثة شروح: شرح لتلميذه التبريزى وشرح لأبى محمد البطليوسى الأندلسى وشرح لأبى الفضل قاسم الخوارزمى، وهو فى خمس مجلدات كبيرة. والديوان يكتظ بالمديح والرثاء والفخر والنسيب والوصف وأكثره فى المديح، وجمهوره فى مديح أشخاص خياليين، وذكر ذلك فى مقدمته قائلا «لم أطرق مسامع الرؤساء بالنشيد ولا مدحت طلبا للثواب وإنما كان ذلك على معنى الرياضة وامتحان السّوس (الطبع) فالحمد لله الذى ستربغفّة (بلغة) من قوام العيش». ونفس ممدوحيه القليلين لم يوجّه إليهم مديحه-كما قال-طلبا للثواب أو النوال وإنما هم بعض أصدقائه كتبوا إليه فرأى أن يحبيهم شعرا، وربما مدحهم شاكرا صنيعا لهم على نحو ما ذكرنا من ثنائه على خازن دار العلم ببغداد واصفا عونه الحميد له فى أثناء تردده على تلك الدار ومكتبتها الكبرى المشهورة. وطبيعى أن يخلو هذا الديوان من الهجاء والخمريات ووصف الصيد. وهو فى الديوان-بعامة-يحاكى المتنبى، وكان يرفعه فوق جميع الشعراء، وشرح ديوانه وسمّاه معجز أحمد بينما سمّى شرحه لديوان أبى تمام: «ذكرى حبيب» وشرحه لديوان البحترى «عبث الوليد» ويفجؤنا فى الديوان فخر عنيف على نحو ما نقرأ فى قصيدته:

<<  <  ج: ص:  >  >>