للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولون لم أرخصت شعرك فى الورى ... فقلت لهم إذ مات أهل المكارم

أجازى على الشعر الشعير وإنّه ... كثير إذا استخلصته من بهائم

ومنذ زمن الغزّى يشكو الشعراء كثيرا من أنهم لا ينالون ما يستحقونه على أشعارهم من ممدوحيهم، بل إن منهم من يعطيهم رقعا مسطرة دون أن يفى بما فيها، وكأنها كلام كاذب بكلام.

ومن كبار الهجائين فى أيام الأيوبيين بدر الدين عبد الرحمن بن المسجّف المتوفى سنة ٦٣٥ للهجرة، وله يهجو جماعة من إخوانه أو عصابته كما يقول (١):

يا ربّ كيف بلوتنى بعصابة ... ما فيهم فضل ولا إفضال

متنافرى الأوصاف يصدق فيهم ال‍ ... هاجى وتكذب فيهم الآمال

جبنا إذا استنجدتهم لملمّة ... لؤما إذا استرفدتهم بخّال

هم فى الرّخاء إذا ظفرت بنعمة ... آل وهم عند الشدائد آل

وهو يخلى عصابته من كل فضل ويراها جديرة بكل مذمّة فى مهجوّ إذ تكذب فيها دائما الآمال. ويصف أفرادها بأنهم جبناء عند الشدائد، لؤماء بخلاء، وهم فى الرخاء أهل أو آل كما يقول، وفى الضراء سراب أو آل يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا. وولّى السلطان الظاهر بيبرس فى سنة ٦٦٤ قضاة أربعة يمثلون المذاهب الفقهية: المذهب المالكى والحنفى والشافعى والحنبلى ولقّب ممثلى هذه المذاهب ما عدا المذهب المالكى بلقب شمس الدين، فاتخذ الشعراء ذلك موضوعا للهجاء الفكه الساخر. من مثل قول بعضهم (٢):

أهل الشآم استرابوا ... من كثرة الحكّام

إذ هم جميعا شموس ... وحالهم فى ظلام

وكان شرب الحشيش المخدّر عرف بين أراذل الناس يدخنونه ويمضغونه وقد يبلعونه، وشدّد الظاهر بيبرس النكير على من يتعاطونه، ونظم كثير من الشعراء فى ذمه كقول الشاب الظريف (٣):


(١) فوات الوفيات ١/ ٥٣٩
(٢) النجوم الزاهرة ٧/ ١٣٧ وانظر ذيل الروضتين لأبى شامة (الطبعة الأولى) ص ٢٣٦.
(٣) النجوم الزاهرة ٧/ ٣٨١

<<  <  ج: ص:  >  >>