للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعوالى القنا أو الرماح هى الماضية القاطعة، ويذكر أنه دعا إلى توحيد الله الذى خلق الشمس وما تغمر به الكون من الضياء وخلق النجوم التى تبزغ تارة وتأفل تارة ثانية، فهو مدبر الكون وملكوته. ويدعو الله أن يحفّه ببركاته ما طلعت شمس وما عطر ذكره المحافل بمسك لا يضاهيه مسك.

ويحتدم المديح النبوى مع الحروب الصليبية وحروب التتار، إذ أحسّ الشعراء-بحق-أنها حروب موجهة للإسلام ورسوله الكريم، فأخذوا يشيدون به وينوهون بمعجزاته وسيرته الذكية من مثل قول ابن الساعاتى شاعر صلاح الدين فى مدحة نبوية (١):

هو البشير النذير العدل شاهده ... وللشهادة تجريح وتعديل

لولاه لم تك لا شمس ولا قمر ... ولا الفرات وجاراه ولا النّيل

مرتّل الوحى يتلوه ويدرسه ... ولم يكن لكلام الله ترتيل

وسيّد الرّسل حقا لا خفاء به ... وشافع فى جميع الناس مقبول

بثّت نبوّته الأخبار إذ نطقت ... فحدّثت عنه توراة وإنجيل

ويقول ابن الساعاتى هو البشير النذير الذى أشاع العدل فى أمته، ويستلهم القائلين بالحقيقة المحمدية وأن الرسول عليه السلام علة الكون ووجوده، فلولاه لم تك شمس ولا قمر ولا حياة فى الأرض ولا أنهار، ويقول إنه أول رسول رتّل الكلام، وإنه لسيد الخلق وشافع أمته يوم القيامة، وبه تحدثت الأخبار فى التوراة والإنجيل مبشرة برسالته العظمى. ويقول فتيان الشاغورى من مدحة نبوية مؤملا شفاعته فى يوم الحشر متمنيا زيارته (٢):

أؤمّل من خير الأنام شفاعة ... بها فى نعيم بالجنان أخلّد

وددت بأنى زرت قبرك راجلا ... وقبّلت تربا أنت فيها موسّد

ومرّغت خدّى عند قبرك ضارعا ... بأرض حصاها لؤلؤ وزبرجد

وذاك ضريح يحسد المسك تربه ... وكلّ شريف القدر لا شك يحسد

وهو يؤمّل فى شفاعة الرسول بالغفران ودخول الجنان، يوم يطول وقوف الناس ف المحشر، ويقول لو استطاع لزار القبر راجلا وقبّله وعفّر خدّه بما حوله من التراب ضارعا متوسلا بأرض


(١) ديوان ابن الساعاتى ١/ ٤٨
(٢) ديوان فتيان ص ١٠٩

<<  <  ج: ص:  >  >>