للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهذا الديوان، ويشتهر ببلاغه الكتابة فيه كتاب مختلفون، لعل أهمهم سنى الدولة (١) ابن أخى الشاعر ابن الخياط الذى ترجمنا له بين شعراء المديح، ويذكر له العماد قطعا مختلفة من منشوراته وتقاليده، من ذلك قوله فى منشور بالوزارة:

«لما كان محله عندنا خطيرا، ومكانه لدنيا مكينا أثيرا، لا قرين يجاريه، ولا نظير يماثله ويباريه، ولا متطاول يطمع فى إدراك معاليه، شددنا بركنه أركانها، وسددنا به مكانها، وعوّلنا عليه فيها، واستنهضناه لتوليها، ورأيناه كفأها وكافيها».

وكتاباته على هذا النحو دائما مسجوعة سجعا فيه غير قليل من الرشاقة والعذوبة. وكتب بعده لسلاطين دمشق البوريين عبد الله بن أحمد الحميدى المعروف باسم ابن النقاد (٢) الكاتب الدمشقى، وظل يكتب لهم إلى أن تملكها منهم نور الدين محمود، وكتب له مدة يسيرة، وتوفى سنة ثمان أوتسع وستين وخمسمائة، ولم يذكر العماد شيئا من كتاباته.

ويظلّ حلب ودمشق. وبلدان الشام الشمالية عهد نور الدين (٥٤١ - ٥٦٩ هـ‍) وكان وزيره ومستوفى دواوينه وكتابة الإنشاء فيها خالد بن محمد بن القيسرانى، وهو ابن الشاعر المترجم له بين شعراء المديح، ويقول العماد فيه: «كان نور الدين رفعه واصطنعه، وبلغ منه مبلغا من الأمر كأنه أشركه فى الملك معه» (٣) ويذكر له ابن واصل توقيعا كتبه باسم نور الدين لرفع المكوس والضرائب الباهظة عن كاهل رعيته فى البلدان التى أظلها حكمه جاء فيه (٤).

«وقد علمتم-معاشر الرعايا وفقكم الله ورعاكم-ما كان مرتبا من المظالم المجحفة بأحوالكم والمكوس المستولية على شطر أموالكم، والرسوم المضيّقة عليكم فى أرزاقكم، والمؤن التى تساهمكم فى منافع أملاككم، واستمرار ذلك عليكم إلى أن فوّض الله-عزّ وجلّ-لنا-تدبير أموالكم، واسترعانا على كبيركم وصغيركم، فأمرنا بإزالة ذلك عنكم أولا فأولا، ولم نبتغ فى إقراره على وجوهه شبهة ولا تأولا».

ويلى ذلك بيان بما أسقط نور الدين عن كل بلد من المكوس والضرائب. وكان من كتابه أبو اليسر (٥) شاكر بن عبد الله المعرى كاتب الإنشاء بدمشق، واستعفاه من الخدمة سنة ٥٦٣


(١) انظر فى سنى الدولة الخريدة (بداية الشام) ص ٢٢٧.
(٢) الخريدة (قسم الشام) ١/ ٣١٤ وتهذيب تاريخ ابن عساكر ٧/ ٢٧٧ والنجوم الزاهرة ٦/ ٦٥.
(٣) الخريدة ١/ ١٢٥.
(٤) انظر مفرج الكروب لابن واصل ١/ ٢٧٠ وما بعدها.
(٥) الخريدة (قسم الشام) ٢/ ٣٥ وراجع فى أبى اليسر تعريف القدماء بأبى العلاء ص ٥٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>