للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتنفض عنها غيب كلّ خميلة ... وتخشى رماة الغوث من كل مرصد (١)

فجالت على وحشيّها وكأنها ... مسربلة فى رازقىّ معضّد (٢)

ولم تدر وشك البين حتى رأتهم ... وقد قعدوا أنفاقها كل مقعد (٣)

وثاروا بها من جانبيها كليهما ... وجالت وإن يجشمنها الشّدّ تجهد (٤)

تبذّ الألى يأتينها من ورائها ... وإن تتقدّمها السّوابق تصطد (٥)

فأنقذها من غمرة الموت أنها ... رأت أنها إن تنظر النّبل تقصد (٦)

نجاء مجدّ ليس فيه وتيرة ... وتذبيبها عنها بأسحم مذود (٧)

وجدّت فألقت بينهنّ وبينها ... غبارا كما فارت دواخن غرقد (٨)

بملتئمات كالخذاريف قوبلت ... إلى جوشن خاظى الطريقة مسند (٩)

وزهير يستهل حديثه عن البقرة بوصفها الجسدى والنفسى فهى خنساء فى خدودها حمرة مشربة بسواد، وهى طليقة فى الصحراء ترحل من موضع إلى موضع مذعورة فقد خلفت ولدا لها فى كناس، وهى تخشى عليه من السبع والإنسان. وإنها لشاكية السلاح، كأنها معدّة خلقة لكفاح أعدائها ونزالهم، فقد برزلها قرنان وإنهما حريان بأن يقياها الخطر ويؤمنّا وحدتها وخوفها، إذ هما محددان أملسان كأنهما السيوف القاطعة، ومن ورائهما أذنان ترهف بهما السمع خشية العدو المفاجئ وباصرتان


(١) تنفض: تنظر هل ترى ما تكره. الخميلة: الرملة بها شجر. الغوث: قبيلة من طيئ تشتهر برماتها وقناصها.
(٢) جالت: ذهبت وجاءت. الوحشى: الجانب الذى لا يركب منه وهو الأيمن يريد أنها مالت على عطفها الأيمن. مسربلة: لابسة سربالا وهو القميص. الرازقى: ثوب أبيض. معضد: مخطط.
(٣) وشك البين: سرعته، والبين هنا: فقدها لولدها. الأنفاق: الطرق والمسالك.
(٤) يجشمنها الشد: يكلفنها العدو ويحملنها عليه. تجهد: تسرع وتجتهد.
(٥) تبذ: تسبق. تصطد: تضرب بقرنيها ما يتقدمها من الكلاب.
(٦) تنظر النبل: يريد زهير تنتظر أصحابه وهم الرماة. تقصد: تقتل.
(٧) النجاء: سرعة العدو. الوتيرة: التلبث والانتظار. تذبيبها: دفاعها. الأسحم: الأسود. المذود: قرنها الذى تذود به عن نفسها.
(٨) جدت: أسرعت فى العدو. الدواخن: جمع دخان. الغرقد: شجر.
(٩) الملتئمات هنا: القوائم شبهها بالخذاريف. إلى جوشن: مع صدر، خاظى الطريقة: مكتنز اللحم فى أعلى الصدر. مسند: مرتفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>