الضرائب، ويقال إنه حج إحدى وعشرين حجة وكان ينفق فى كل حجة مائة ألف دينار.
وكانت مصر تحتفل بالأعياد احتفالات كبيرة: الإسلامية منها والقبطية، بل لكأنما كانت أيامها كلها فى عهد الطولونيين أعيادا. ولذلك بكت دولتهم بدموع غزار. وتخلفهم فترة تعود فيها مصر إلى عهد الولاة، وسرعان ما يتولاها الإخشيد، فيعيد إليها بهجتها ورخاءها، وبفضل ثرائها استطاع أن يعدّ لنفسه جيشا ضخما مكونا من ٤٠٠ ألف مقاتل سوى ثمانية آلاف من مماليكه الأرقاء، ومازال سعده بحكم مصر يعلو إلى أن صار له حكم الشام والثغور وخطب له بالحجاز واليمن. وأصبحت مصر بعده لأبنائه ووصيّهم كافور الإخشيدى. وكانت مصر تنعم بثرائها، ويبدو أنه تكونت فيها طبقة من كبار الإقطاعيين من العمال والصناع والتجار والزراع لفتت بقوة الإخشيد، فإذا هو يكثر من مصادرة عماله وكتابه، ويقول ابن سعيد فى قسم الفسطاط من كتاب المغرب إنه «كان إذا توفى قائد من قواده أو كاتب تعرّض لورثته وأخذ منهم وصادرهم وكذلك كان يفعل مع التجار المياسير» ويقول ابن سعيد أيضا إنه لما توفى التاجر عفان بن سليمان أخذ من ميراثه مائة ألف دينار. وكان سباق الخيل فى أيامه-كما كان فى أيام خمارويه-يقوم مقام الأعياد. وكانت لوزيره ومدبر الدولة زمن أولاده جعفر بن الفضل بن الفرات المعروف بابن حنزابة دار للأفاعى والحيات والعقارب لها قيّم وحاو من الحواة ومعه مستخدمون.
وظلت مصر طوال زمن الإخشيديين تعنى ببعض اللهو والغناء، وفى ترجمة الإخشيد بكتاب المغرب أن أبا بكر الماذرائى دعاه إلى طعام وجمع له المغنين من الرجال والنساء. وكان يحاكى ابن طولون فى احتفاله بعرض الجيش ليلة عيد الفطر وفيما كان يتخذ عقب العرض من نصب السماط للناس. وكان المصريون يحتفلون بعيد الفطر وغيره من الأعياد الإسلامية احتفالات كبيرة، وبالمثل كانوا يحتفلون بالأعياد القبطية. وشهد المسعودى لعهد الإخشيد سنة ٣٣٠ أحد هذه الأعياد وهو عيد الغطاس المسيحى، ويكون عادة ليلا، ويقول إن الإخشيد كان بقصره فى جزيرة الروضة، وأمر فأسرج من شاطى الفسطاط وشاطى الجزيرة ألف مشعل غير ما أسرجه أهل مصر من المشاعل والشمع. ومئات الآلاف من الناس على الشواطى وفى الزوارق وقد أحضروا المآكل والمشارب وآلات الذهب والفضة والجواهر والملاهى والعزف والقصف. ونجد بعض الشعراء يذكرون الأديرة وما فيها من خمر، كما نجدهم يذكرون الطرد والصيد ويقول ابن سعيد إنه كانت بالفسطاط بعض دور للقمار.
وتلقى مصر بكنوزها للفاطميين، ويؤسّسون بها أو يقيمون الدولة الفاطمية ويمتد سلطانها من