ولم يكونوا يثبتونها حينئذ. وليس فى هذا السطر كلمة غريبة سوى بر التى استخدمها الكاتب بمعنى ابن وهى آرامية. ونراه فى السطر الثانى يضيف واوا إلى نزرو ومذحجو وفقا لكتابة النبط التى تضيف إلى الأعلام الواو. أما عكدى فلعلها عكديا، حذفت منها الألف، وفى المعاجم العكد: القوة. ويريد بالأسدين قبيلتى أسد.
ونراه فى السطر الثالث يستخدم كلمة بزجى من فعل زجا بمعنى دفع أى باندفاع، ومعنى حبج فى المعاجم أشرف وكأنها استعملت فى النص مصدرا بمعنى مشارف أو حدود، وشمر من الملوك الحميريين. واستخدم كلمة نزل بنيه الشعوب بمعنى جعلهم على الشعوب. وفى السطر الرابع ووكلهن بإضافة نون التوكيد إلى الفعل بعد الضمير.
ومعنى العبارة ووكله الفرس والروم. وفى السطر الخامس بلسعد ذو ولده أى ليسعد الذى ولده.
وواضح أن النص يمثل طورا من أطوار اللغة العربية التى نزل بها القرآن الكريم فكلماته جميعا عربية ما عدا كلمة بر الآرامية، وقد استخدمت فيه أل أداة للتعريف. وإذا أردنا أن نكتبه ونقربه إلى لغتنا اليوم كتبناه على هذا النحو:
هذه نفس (قبر) امرئ القيس بن عمرو ملك العرب كلها الذى عقد التاج وملك قبيلتى أسد ونزارا وملوكهم وشتت مذحجا بالقوة وجاء
باندفاع (بانتصار) فى مشارف نجران مدينة شمر. وملك معدا وولى بنيه الشعوب، ووكّله الفرس والروم، فلم يبلغ ملك مبلغه
فى القوة. هلك سنة ٢٢٣ يوم ٧ من كسلول، ليسعد الذى ولده
ولعل فى هذا النص ما يدل على أن اللغة العربية التى سيشرفها القرآن الكريم بنزوله فيها كانت قد أخذت تبسط سلطانها إلى شمالى بلاد العرب منذ أوائل القرن الرابع الميلادى. وتوجد الروابط بين الحروف فى هذا النص وتتخذ الحروف شكلا أكثر استدارة.
ولهذا النص أهمية تاريخية بعيدة، فهو يحدثنا عن ثانى ملوك الحيرة جدود المناذرة ويذكر أنه ملك قبيلتى أسد وقبيلة نزار وملوكهم، وشتت قبيلة مذحج، وانتصر على جموع نجران. ولعل هذه أول إغارة ثابتة تاريخيّا لعرب الشمال على عرب الجنوب ومدينتهم نجران. ويحدثنا النص أيضا أنه ملك معدّا وولى بنيه على الشعوب