ويخليها من دواعى الشر وآثامه، وهو نور ظل ينحدر من آدم وأبنائه الطاهرين حتى انتهى إلى عبد المطلب وحفيده الرسول عليه السلام، وكأنما أصاب عليا حفيده الآخر منه شعاع ما يزال ينتقل فى الأئمة جيلا بعد جيل.
ومبدأ رابع هو الاتساع بالتأويل فى القرآن الكريم وآياته، مستدلين بمثل قوله تعالى:
{(وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ)} زاعمين أن للقرآن ظاهرا ووراء ظاهره باطنا لا يعلمه إلا أئمتهم، خصّوا به دون غيرهم من البشر. واشتق الدكتور محمد كامل حسين من هذا المبدأ عندهم نظرية المثل والممثول، فظاهر القرآن مثل وباطنه فى رأيهم ممثول، وجسم الإنسان مثل ونفسه ممثول. وعلى الإسماعيلى أن ينحى عن بصره الظاهر المتبادر الذى يحول بينه وبين رؤية الشريعة على حقيقتها وفى باطنها. وهم بذلك يقتربون من نظرية الأفلاطونية الحديثة التى تدعو إلى نبذ الأستار والحجب المادية حتى يفضى الإنسان إلى وطنه السماوى. وقد أوغلوا فى التأويلات الباطنة، لآى الذكر الحكيم ناسبين ذلك إلى أئمتهم، مما لا يحتمله ظاهر القرآن أى احتمال، ولذلك يسميهم أهل السنة الباطنية.
ونصل إلى المبدأ الخامس الذى يفصل العقيدة الإسماعيلية عن النظرية العامة لأهل السنة والشريعة الإسلامية فصلا تاما. وهو مبدأ تتداخل فيه نظرية الفيض الأفلاطونية، إذ يزعمون أن الأئمة منذ آدم يتوالون فى أدوار كل دور يتكون من سبعة، والسابع هو الإمام الناطق الممثل للعقل الكلى الفعال الذى انتقلت إليه قدرة الله، وعنه تصدر النفوس الكلية التى يمثلها الأئمة الستة فى الدور كما تصدر جميع المخلوقات. ويأخذ تاريخ البشرية منذ آدم هذا النظام الدورى السبعى الكونى، وكل دور يدعم عمل الناطق السابق له ويمهد لناطق الدور الجديد. ويتجلى النور الإلهى فى كل دور من هذه الأدوار ويبلغ كماله فى الإمام الناطق الحامل لرسالة نورانية باهرة. وهم يزعمون أن الرسول كان عقلا فعالا وأن عليا وصيّه-فى اعتقادهم-كان نفسا كلية، فلما رفع الرسول إلى الرفيق الأعلى أصبح علىّ عقلا فعالا. ومما زعموه أن نفوس الأئمة الستة قبل العقل الناطق تعود بعد الوفاة إلى عالم العقول وتصبح مثله عقولا كلية مدبرة للكون.
ومبدأ سادس هو إطلاقهم كل صفات الذات العلية على أئمتهم، وهم يبدءون فيقولون ان لكل إمام نسبتين: نسبة إلى عالم الطبيعة ونسبة إلى عالم القدس، بالضبط كما يعتقد النصارى فى المسيح. وزعموا أن الله-جلّ جلاله-ينبغى أن ينزّه عن كل الصفات والأسماء، وقالوا- بزعمهم-إن أسماءه الحسنى إنما هى أسماء العقل الأول الفعال أو العقل الكلى وأن الله أعلى من أن