للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحرير التحبير الألوان البديعية التى اختص بها ابن المعتز، ثم يعرض الألوان العشرة التى انفرد بها قدامة وقد بلغت جميعا ثلاثين لونا، ويسمى هذه الألوان الأصول، حتى إذا انتهى من عرضها أتبعها بالفروع التى ذكرها المؤلفون حتى زمنه وقد بلغت ستين محسنا، ويتلوها بثلاثة محسنات نقلها عن بديع الإجدابى، وبذلك تبلغ الألوان البديعية ثلاثة وتسعين لونا، ويتلوها بثلاثين لونا من عمله واكتشافه، سلّم له البلاغيون منها نحو عشرين محسنا، وقالوا إن الباقى إما مسبوق إليه أو مدخول عليه (١). وصنف بعد هذا الكتاب كتابه الثانى «بديع القرآن» ذكر فيه أولا-كما قلنا آنفا-أصول المحسنات البديعية عند ابن المعتز وقدامة، ثم مضى فى ذكر المحسنات الفرعية حتى بلغ بها مائة محسن وتسعة. ويلاحظ أنه أدخل فى تلك المحسنات الصور البيانية وطائفة من أبواب علم المعانى كالتكرار والتفصيل والإيضاح والبسط أو الإطناب والإيجاز وبذلك وسع مدلول المحسنات البديعية وظل ذلك عند أصحاب البديع من بعده.

وتشغل مصر طويلا بكتابى ابن أبى الإصبع، حتى إذا كنا فى منتصف القرن الثامن الهجرى وجدناها تسهم فى العناية بمباحث المشارقة فى البلاغة وعلومها الثلاثة: المعانى والبيان والبديع، وكان الخطيب القزوينى قد لخص القسم الثالث من مفتاح العلوم للسكاكى، وهو القسم الخاص بعلوم البلاغة، وأحسن فى هذا التلخيص إلى حد بعيد. مما جعل الشراح يعنون بتفسيره والتعليق عليه، ويعنى بذلك شارح مصرى هو أحمد (٢) بن على بن عبد الكافى السبكى المتوفى سنة ٧٧٣ ويسمى شرحه «عروس الأفراح فى شرح تلخيص المفتاح» ونراه فى فواتحه يشيد بالمصريين وما طبعوا عليه من الذوق السليم الذى أغناهم عن التعمق فى مباحث السكاكى البلاغية وشراحه الإيرانيين لاهتمامهم جميعا بالعلوم العقلية والفلسفية، ويصور عمله فى شرحه قائلا: «اعلم أنى مزجت قواعد هذا العلم (علم البلاغة) بقواعد الأصول والعربية. . وضمنته شيئا من القواعد المنطقية والمعاقد الكلامية والحكمة الرياضية أو الطبيعية». وكأنما أعدته فى شرحه طريقة المشرقيين أو المشارقة، فعاد يصل فى شرحه بين البلاغة وعلوم المنطق والكلام والفلسفة الطبيعية والرياضية، مما أصاب البلاغة ومباحثها بالجفاف فى مصر كغيرها من بلدان المشرق. وكانت قد أخذت تظهر بديعيات مختلفة وهى مدائح نبوية تشتمل المدحة منها على محسنات البديع، بحيث


(١) نفحات الأزهار على نسمات الاسحار (طبع دمشق) ص ٣.
(٢) انظر فى ترجمة السبكى ترجمة أبيه فى طبقات الشافعية ١٠/ ١٣٩ وراجعه فى الدرر الكامنة ١/ ٢١٠ وشذرات الذهب ٦/ ٢٢٦ والنجوم الزاهرة ١١/ ١٢١ وإنباء الغمر بأبناء العمر لابن حجر ١/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>