طبيعيا أن يقرب ابن نباتة ويعهد إليه بكتابة التوقيع. وكان أحيانا يعزل عنها وأحيانا يعود إليها حتى سنة ٧٦١. وفى هذه السنة استدعاه الناصر حسن سلطان مصر والشام إلى القاهرة فى ربيع الأول وأمر أن يصرف له ما يتجهّز به وأن يرد عليه ما انقطع عنه من الراتب، وعينه موقّعا للدّست وكانت قد تقدمت سنه، فلم يستطع القيام بتوقيع الدّست، فأعفاه السلطان حسن من الحضور وأمر بإجراء راتبه عليه، كما أمر بنسخ ديوانه وحفظ نسخ منه فى المكاتب السلطانية. وبذلك أمّره على الشعراء، مما جعله يلهج بمدحه والثناء عليه. ولم يلبث السلطان حسن أن توفى، وكان راتبه ربما صرف له وربما لم يصرف حتى توفى بمارستان قلاوون سنة ٧٦٨ للهجرة.
وكان نبع الشعر عند ابن نباته فياضا، فله بجانب ديوانه الكبير ديوان سماه «القطر النباتى» وهو خاص يمقطوعاته الشعرية، والقطر السكر والتورية فى اسم الديوان واضحة، يريد السكر النبات. وله ديوان خاص بغزلياته سماه «سوق الرقيق». وديوانه الكبير يكتظ بالمدائح، وعنى كثيرون من معاصريه بمعارضته فى بعض قصائده، واشتهر الصفدى بكثرة إغارته على معانيه، وخاصة على تورياته البديعة وكان مغرما بصنعها، وألف فى سرقات الصفدى منه كتابا سماه «خبز الشعير» يريد أن سرقاته كخبز الشعير المأكول المذموم، واستهلّ خطبة هذا الكتاب بالآية الكريمة:(ربّ اغفر لى ولوالدىّ ولمن دخل بيتى مؤمنا) ويورد دائما أبياته موضع السرقة، ثم يورد سرقة الصفدى مثل قوله فى الغزل موريا.
ومولع بفخاخ ... يمدّها وشباك
قالت لى العين ماذا ... يصيد قلت كراكى
ويقول الصفدى:
أغار على سرح الكرى عند ما رمى ال ... كراكى غزال للبدور يحاكى
فقلت ارجعى يا عين عن ورد حسنه ... ألم تنظريه كيف صاد كراكى
والكرى: النوم، والكراكىّ طير مفرده كركىّ. والتورية واضحة عند ابن نباته وخفيفة رشيقة وقد أحالها الصفدى ثقيلة بما أضاف إليها من شرح وتطويل، ومن ذلك قول ابن نباتة متغزلا: