للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعرف توّا أنها موضوعة، لا لأنه فيها يدعو إلى تعاليم إسلامية فحسب، بل لأنه ينظم فيها آيات قرآنية من مثل قوله تعالى {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوى»} وقد نظم فى البيتين الثالث والرابع قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ»} أما فى البيت الخامس فنظم قوله تبارك وتعالى: {وَاُذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ»}. ونظم فى البيت السادس قوله جلّ وعز: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ»}. وفى البيت السابع نظم قوله جلّ ذكره:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ»} أما البيت الثامن فنظم فيه مثل قوله تعالى {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً»} وقوله: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ»}.

وواضح من هذا كله أن القصيدة منتحلة، وهى لا تتفق فى شئ ونفسية الأعشى، وما كان ليسمع القرآن ويؤمن بتعاليمه على هذا النحو، ثم ينصرف عن رسوله الكريم وهديه. ونحن لا نشك فقط فى هذه القصيدة، بل نشك كذلك فى القصائد الأخرى التى تردّد معانى الإسلام ومثاليته الخلقية أو تردد بعض المعانى المسيحية. وبهذا القياس نتهم قصيدته رقم ٥ لقوله فيها يمدح قيس بن معد يكرب الكندى:

وما أيبلىّ على هيكل ... بناه وصلّب فيه وصارا (١)

يراوح من صلوات الملي‍ ... ك طورا سجودا وطورا جؤارا (٢)

بأعظم منه تقى فى الحساب ... إذا النّسمات نفضن الغبارا

وواضح أنه يصفه بالتقوى وأنه يراقب ربه، ويقول إن الراهب الذى يصلّب له فى هيكله ويصلى له ساجدا ويتضرع ليس أعظم منه تقوى وخشية، حين تهب الريح اللينة نافضة للغبار. وقد نظم منتحلها قوله تعالى: {فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى»} فقال:

عطاء الإله فإن الإله ... يسمع فى الغامضات السّرارا


(١) أيبلى: راهب. الهيكل: موضع فى صدر الكنيسة يوضع فيه القرابين. صلب: صور الصليب بيده. صار: سكن.
(٢) الجؤار: التضرع بالدعاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>