للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملك الفرس ومورق ملك الروم وكسرى شاهنشاه، وهذا عادياء لم يغنه حصنه بتيماء الذى بناه سليمان، ويسهب فى وصف الحصن، وكذلك كان أمر النعمان إذ لم تنفعه أمواله ولا ما كان يجبى إليه، فلم ينج من القضاء. ومن هذا النمط نفسه قصيدته رقم ٣٦ التى يقول فيها:

إنما نحن كشئ فاسد ... فإذا أصلحه الله صلح

ويحدثنا عن هلاك الملوك الأولين مثل عمرو بن هند حديثا كله عظة واعتبار، فإن الناس هالكون لا محالة، وكذلك يصنع فى قصيدته رقم ٣٩، ومثلها رقم ٥٣ أما القصيدة رقم ٥٤ فإنه يتحدث فيها عن قصر ريمان قصر الحميريين الذى تداوله الحبش والفرس وما أصابه من البلى والخراب. وقد أنكر القدماء نسبة المقطوعة رقم ٥٦ (١) كما أنكروا أختها رقم ٦٠ وأشرنا إلى ذلك فيما أسلفنا. وأبيات الأخيرة تختلط بأبيات القصيدة رقم ٧٢ ولذلك كنا نتهمها هى الأخرى، وأنكر القدماء القصيدة رقم ٦٢ وقالوا إنها تختلط بشعر لنابغة بنى شيبان (٢). ونراه فى القصيدة رقم ٧٩ يدعو لإياس بن قبيصة أن يجزيه الله جزاء نوح إذ أوحى إليه أن يصنع الفلك ليعصمه من الطوفان. ونلتقى فى نهاية الديوان بالقصيدة رقم ٨٢ وهى تلتقى فى بعض أبياتها بقصيدة رواها المفضل الضبى فى المفضليات لعوف بن الأحوص وهى فيها ذات الرقم ٣٦ ونسب الجاحظ بعض أبياتها فى الحيوان إلى مضرّس (٣) بن زرارة لقيط.

وليست هذه القصائد وحدها فى الديوان هى التى ينبغى أن لا نطمئن إليها، لما يداخلها من الوعظ والمعانى الإسلامية والمسيحية، فقد أضاف إليه الرواة الوضاعون غير قليل من القصائد والأشعار، ويمكننا معرفة وضعها من عرضها على تقاليد الشعر الجاهلى وأسلوب الأعشى نفسه فى مطولاته التى لا يعتورها الشك. وقد تأخذ القصيدة شكلا قصصيّا غير مألوف لدى الشعراء الجاهليين. وإذا أخذنا نقرأ فى الديوان على هذه الأسس وجدنا غير قليل من القصائد يستوقفنا، من ذلك القصيدة رقم ١٢ لما يصور فيها من قصة عماه وقائده، وتدل رحلاته الكثيرة أنه كان ضعيف


(١) السيرة النبوية لابن هشام ١/ ٦٦ وانظر الديوان ص ٢٠٤.
(٢) الديوان ص ٢٠٨.
(٣) الحيوان ٥/ ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>