البصر ولم يكن مكفوفا، ومثلها القصيدة رقم ٢٠ للين أسلوبها وضعفه، وهو أشبه بأساليب العباسيين. ونراه فى القصيدة رقم ٢٥ يسوق فى تفصيل قصة السموأل وما كان من إبداع امرئ القيس عنده مائة درع قبل رحيله إلى قيصر وحصار الحارث بن ظالم أو الحارث الغسانى له حتى يأخذها وتحصّنه منه بحصنه، ومفاجأته له بأحد أبنائه، وكان يصطاد، وقوله له إما أن تسلم الأدراع إلىّ وإما أن أقتل ابنك، وأبى السموأل أن يسلم الأمانة وفاء، وقتل الحارث ابنه تحت عينه. وهى قصة مشكوك فى أصلها، ويزيدها شكّا فى قصيدة الأعشى أنه رواها مفصلة بصورة تدل على أنها موضوعة، وربما وضعها أحد أولاد السموأل فى الإسلام، ومن أجل ذلك نشك فى القطعة رقم ٢٤ التى تقدم لها. وإذا تقدمنا فى الديوان وأعدنا النظر فى القصيدة رقم ٣٩ التى اتهمناها لما فيها من حديث عن هلاك القرى والأمم لاحظنا أنها تتضمن فى نحو عشرين بيتا قصة غزلية، يصور لنا فيها كيف بعث لصاحبته رسولا شيطانا لا يخشى الرقباء، وكيف تخلص إليها هذا الرسول فنازعها الحديث مخافتا، حتى إذا أنكرته ظل يغويها حتى أسلس له قيادها، فشاورها متى يأتيها الأعشى وكيف يدخل إليها. ويحدثنا أنه ألم بها وقد غفل الرقباء، وبات إلى جنبها لا يفصلهما حجاب، ويمضى فيصف مبيته عندها وصفا صريحا. وليس من ريب فى أن هذه القصة تعلن بدورها عن انتحال القصيدة وأنها موضوعة، ولكن ليس هذا ما نريده، إنما نريد أن نقول إنه ينبغى أن نشك فيما يجرى مجرى هذه القصيدة المنتحلة وقصتها الغزلية. ومن أجل ذلك كنا نشك فى القصيدة رقم ٥٢ وخاصة أنها غزل ووصف خالص، وليس لها موضوع من مديح أو فخر أو هجاء كما تعودنا عنده، ومما يزيدنا شكا فيها استرساله فى الخيال مع كل ما يشبه صاحبته به، وخاصة حين شبه مذاق ريقها بطعم الزنجبيل والتفاح ممزوجين بعسل النحل، فقد أخذ فى وصف من يشتار العسل ويجنيه، ولم يكن العسل واشتياره مما تعرف به قيس بن ثعلبة فى الجاهلية، إنما كانت تعرف به هذيل.
ونقف نفس الموقف من القصيدة رقم ٥٥ لكثرة ما فيها من ألفاظ فارسية، وكذلك القصيدة رقم ٦٣ لأنها تفتقد الغرض الواضح، وكأن من نحلوها الأعشى أرادوا بها أن يجروا على لسانه حديثه عن أسفاره البعيدة إلى الغساسنة فى الشام وبنى الجلنداء فى عمان وغيرهم. وليس فى القصيدتين رقمى ٦٤ و ٦٥ غرض واضح إنما فيهما غزل