للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعيش أنت وتبقى ... أنا الذى مت عشقا

حاشاك يا نور عينى ... تلقى الذى أنا ألقى

ولم أجد بين موتى ... وبين هجرك فرقا

يا أنعم الناس بالا ... إلى متى فيك أشقى

لم يبق منى إلاّ ... بقية ليس تبقى

قد كان ما كان منى ... (والله خير وأبقى)

والقطعة تفيض بالسهولة والبساطة والرقة واللطف مع جمال الجرس واتساق الكلمات، ومع ما يداخلها من ألفاظ اللغة اليومية مثل: «مت عشقا» و «يا نور عينى» و «قد كان ما كان منى» وأيضا مع ما يداخلها من الاقتباس القرآنى فى الشطر الأخير.

وكان الشعراء المصريون فى زمنه وقبل زمنه يستظهرون بعض كلمات الحياة العاملة أو اليومية، ولكنه توسع فيها وأكثر منها كثرة مفرطة، وهى كثرة تجعل غزله يمس أوتار القلوب والأفئدة، ومن طريف غزله:

من اليوم تعارفنا ... ونطوى ما جرى منّا

ولا كان ولا صار ... ولا قلتم ولا قلنا

وإن كان ولا بدّ ... من العتب فبالحسنى

فقد قيل لنا عنكم ... كما قيل لكم عنّا

وما أحسن أن نرج‍ ... ع للوصل كما كنّا

والقطعة كلها من اللغة الدارجة، وقد عرف كيف يلتقط منها هذه الكلمات والعبارات الفصيحة، وكأنها لا تفصل من لغتنا اليومية، بل تفصل من القلوب والأفئدة. والقطعة عتاب ولكنه عتاب مملوء لطفا وظرفا وتسامحا ورقّة ودماثة، ودائما تجرى فى غزله هذه الرقّة الحلوة التى تشبه ماء النيل النمير الصافى والتى تجعل القلوب تتعلق بغزله من مثل قوله:

قصّروا مدة الجفا ... طوّل الله عمركم

شرّفونى بزورة ... شرّف الله قدركم

قد صبرتم وليتنى ... كنت أعطيت صبركم

<<  <  ج: ص:  >  >>